الذب عن مذهب الأشعري ، رجع إلى القول بالأمر بين الأمرين وقال :
«هذه المسألة عجيبة ، فإنّ الناس كانوا مختلفين فيها أبدا بسبب انّ ما يمكن الرجوع فيها إليها متعارضة ، فمعوّل الجبرية على أنّه لا بد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد ، ومعوّل القدرية على أنّ العبد لو لم يكن قادرا على فعل ، لما حسن المدح والذم والأمر والنهي». ثم ذكر الله الطائفتين إلى أن قال : «الحق ما قال بعض أئمة الدين انّه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ، وذلك انّ مبنى المبادئ القريبة لأفعال العباد على قدرته واختياره والمبادئ البعيدة على عجزه واضطراره ، فالإنسان مضطر في صوره مختار ، كالقلم في يد الكاتب ، والوتد في شق الحائط ، وفي كلام العقلاء قال الحائط للوتد : لم تشقني؟ فقال : سل من يدقّني. (١)
اعتراف شيخ الأزهر بصحة هذه النظرية
وممّن اعترف بالأمر بين الأمرين شيخ الأزهر في وقته ، الشيخ محمد عبده في رسالته حول التوحيد ، وقد أثّر كلامه في
__________________
(١). بحار الأنوار : ٥ / ٨٢. ولا يخفى انّه مع اعترافه ببطلان الجبر والتفويض في ثنايا كلامه لم يفسر نظرية الأمر بين الأمرين تفسيرا لائقا بها.