وإن أريدت الإرادة الإجماليّة القديمة وإن لم يعلم كنهها ، فكل ما في الكون من جليل ودقيق يمتنع أن يتحقّق في سلطانه ، ويكون خارجا عن مجال إرادته ومشيئته ، لكن تعلّقها بها ، غير القول بالجبر كما سيوافيك.
٣. سعة إرادته سبحانه عقلا ونقلا
اتّفق العقل والنقل على سعة إرادته سبحانه لكل شيء ومنه أفعال العباد ، ويعلم ذلك من خلال أمور :
ألف : سعة قدرته وخالقيته وانّ كل ما في الكون من جليل ودقيق ، من ذات وفعل ، مخلوق لله على النحو الذي تقدّم.
ب : انّ الوجود الإمكاني وجود فقير قائم بالواجب غير مستغن عنه في شأن من شئونه لا في ذاته ، ولا في فعله ، وانّ غناء فعل الإنسان عنه سبحانه ، يستلزم غناء ذاته عنه سبحانه أوّلا ، لأنّ الفعل معلول لذات الممكن ، فغناء المعلول عن الله فرع غناء علته (ذات الممكن) عنه وهذا هو المراد من قولنا : إنّ الغناء في مقام الفعل مستلزم الغناء في مقام الذات ؛ وانقلاب الفعل عن كونه فعلا إمكانيا إلى كونه فعلا واجبا ثانيا ، وكلاهما ممنوعان.