في آية أخرى يفرّق بين الحسنة والسيئة ، فينسب الحسنة إلى الله والسيئة إلى الإنسان. يقول سبحانه بعد الآية المتقدمة : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (١).
فكيف نجمع بين الآيتين مفادا؟
الجواب : إنّ المنافقين حسب ما ورد في الآية الأولى نسبوا الحسنة إلى الله ، والسيئة إلى النبي ، ولكن فراعنة عصر موسى تبنّت رأيا أشدّ بطلانا ممّا تبنّاه المنافقون ، حيث إنّهم نسبوا الحسنات إلى أنفسهم (مكان انتسابها إلى الله) والسيئات إلى نبيّهم الكليم ، قال سبحانه : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
والقرآن يعدّ تينك النظريتين خاطئة ، وناشئة من عدم معرفة ما عليه عالم الإمكان من انتساب جميع الحوادث (حلوها
__________________
(١). النساء : ٧٩.
(٢). الأعراف : ١٣٠ ـ ١٣١.