الأجيال المتأخّرة من تلاميذ منهجه ومطالعي كتبه ، قال : «جاءت الشريعة بتقرير أمرين عظيمين ، هما ركنا السعادة وقوام الأعمال البشرية ، الأوّل : انّ العبد يكسب بإرادته وقدرته ما هو وسيلة لسعادته. والثاني : انّ قدرة الله هي مرجع لجميع الكائنات وأنّ من آثارها ما يحول بين العبد وإنفاذ ما يريده ، وان لا شيء سوى الله يمكن له أن يمدّ العبد بالمعونة فيما لم يبلغه كسبه.
وقد كلّفه سبحانه أن يرفع همته إلى استمداد العون منه وحده ، بعد أن يكون قد أفرغ ما عنده من الجهد في تصحيح الفكر ، وإجادة العمل ، وهذا الذي قرّرناه قد اهتدى إليه سلف الأمّة فقاموا من الأعمال بما عجبت له الأمم وعوّل عليه من متأخري أهل النظر إمام الحرمين الجويني رحمهالله ، وإن أنكر عليه بعض من لم يفهمه» (١).
وليس الشيخ عبده هو الفريد في الاعتراف بالمذهب الحق بل سبقه إمام الحرمين والشيخ الشعراني مؤلّف «اليواقيت» ، والشيخ عبد العظيم الزرقاني المصري والشيخ شلتوت ، إلى غير هؤلاء ممّن ذكرنا نصوصهم في كتابنا «بحوث في الملل والنحل» (٢).
__________________
(١). رسالة التوحيد : ٥٩ ـ ٦٢ بتلخيص.
(٢). راجع الجزء الثاني : ١٤١ ـ ١٥٢.