أي مثل (١) بعد الاستقرار كطول الشجر ، وسخونة الماء ، وقيام الإنسان ، ويجري فيها التضاد والاشداد. وما قيل إن ثبوتهما ذهني وإلا لزم التسلسل مدفوع بأن ليس المراد بهما مطلق التأثير والتأثر ، بحيث يشمل (٢) الإبداع والحدوث الدفعي ، بل الحال الذي يكون للفاعل والمنفعل حتى أن الفارابي فسر أن يفعل بالتحريك ، وأن ينفعل بالتحرك).
هو تأثير الشيء (٣) في غيره على اتصال غير قار كالحال الذي للمتسخن ما دام يتسخن وإن ينفعل هو تأثير الشيء عن غيره كذلك الذي للمتسخن ما دام يتسخن (٤) وأما الحال الحاصل للمستكمل عند الاستقرار أي انقطاع الحركة عنه كالطول الحاصل للشجر ، وكالسخونة الحاصلة للماء ، والاحتراق الحاصل للثوب ، والقعود أو القيام الحاصل للإنسان ، فليس من هذا القبيل ، وإن كان فقط يسمى أثرا أو انفعالا ، بل من الكم أو الكيف أو الوضع أو غير ذلك ، وكذلك الحال الحاصل للفاعل قبل التأثير وبعده كقوة للنار تسمى احتراقا ، ويجري في كل من المقولتين التضاد ، فإن التسخين ضد التبريد ، والتسخن ضد التبرد ، ويقبلان الشدة والضعف ، فإن تسخين النار أشد من تسخين الحجر الحار ، والاسوداد (٥) الذي هو الحركة إلى السواد منه ما هو أقرب إلى الاسوداد الذي هو الغاية في ذلك ، وأسرع وصولا إليه من اسوداد آخر إليه (٦).
وذهب الإمام وجمع من المحققين إلى أن ثبوت هاتين المقولتين إنما هو في الذهن ، إذ لو وجدتا في الخارج لافتقر كل منهما إلى مؤثر له تأثير آخر ضرورة امتناع كون التأثير نفس الأثر على تقدير كونهما من الأعيان الخارجية ، وحينئذ يلزم
__________________
(١) في (ب) بزيادة جملة (أي مثل).
(٢) في (ب) يشهد الاندفاع بدلا من (يشمل الإبداع).
(٣) في (ب) النفس بدلا من (الشيء).
(٤) سقط من (أ) من أول (وإن ينفعل إلى قوله (يتسخن).
(٥) في (ب) الاسوداد.
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (إليه).