التسلسل المحال ، وترتب أمور لا نهاية لها مع كونها غير (١) محصورة بين حاصرين :
والجواب : إن ذلك إنما يلزم لو كان كل (٢) تأثير وإيجاد حتى الإبداعي الذي لا يفتقر إلى زمان من قبيل أن يفعل ، وكل تأثر وحصول حتى الدفعي من قبيل أن ينفعل ، وليس كذلك بل إذا كان الفاعل يغير المنفعل من حال إلى حال على الاتصال والاستمرار ، فحال الفاعل هو أن يفعل ، وحال المنفعل أن ينفعل حتى فسر الفارابي أن يفعل بالتغيير والتحريك، وأن ينفعل بالتغير والتحرك. وقال لا فرق بين قولنا ينفعل ، وبين قولنا يتغير ويتحرك وأنواع هذا الجنس هي أنواع الحركة ، ففي الجوهر الكون والفساد ، وفي الكم النمو والاضمحلال وفي الكيف الاستحالة ، وفي الأين النقلة.
وحقيقة أن ينفعل هو تصير (٣) الجوهر من شيء إلى شيء ، وتغيره من أمر إلى أمر ما دام سالكا بين الأمرين على الاتصال ، فالتكون كابتناء البيت قليلا قليلا ، وشيئا شيئا ، وجزءا جزءا على اتصال إلى أن يحصل البيت. وعلى هذا قياس البواقي (٤) وأن يفعل هو أن ينتقل الفاعل باتصال الفعل (٥) على النسب (٦) التي له أجزاء ما يحدثه في المنفعل حين ما ينفعل ، فالمسخن حين ما يسخن له نسبته إلى جزء جزء من الحرارة التي تحدث فيما يتسخن ينتقل من نسبته (إلى جزء من الحرارة إلى نسبته (٧)) إلى جزء آخر على الاتصال ، وأنواعه على عدد أنواع أن ينفعل فان كل تغير وحركة يقابله تغير وتحريك ، كالتكوين للتكون ، والإفساد للفساد وكذا أنواع (٨) الأنواع كالبناء للابتناء والهدم للانهدام وعلى هذا قياس
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (غير).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (كل).
(٣) في (ب) مصير بدلا من (تصير).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (البواقي).
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (الفعل).
(٦) في (ب) السبب بدلا من (النسب).
(٧) سقط من (ب) من أول : إلى جزء إلى نسبته.
(٨) راجع ما كتبه ابن سينا عن مقولة (أن ينفعل) وهي إحدى المقولات العشر من مقولات أرسطو في كتابه الشفاء.