وقد ذكر الأستاذ الشهرستاني : أنّ إقامة النياحة في إيران صارت سنة متّبعة منذ أن وصل نبأ الحادث العظيم المحزن استشهاد الحسين عليهالسلام إليها ، فقد عمّت الأحزان الأوساط الإيرانية واستمرت هذه العادة إلى اليوم. (١)
وذكر الأستاذ الكبير كيفية النياحة في تركية وأفغان وشبه القارة الهندية وفي جنوب شرقي آسيا وفي القارة الإفريقية وفي القارة الأوربية ، وخاصة الأقطار القريبة من الصقع الآسيوي ، والحفلات الحزينة التي تقام في انجلترا «لندن» وفي الأندلس «إسبانيا» وفي القارة الأمريكية.
وقد ألّف الأستاذ السيد الشهرستاني كتابه بالولع والاهتمام الشديدين في البحث والتنقيب في بطون الكتب ـ المطبوعة والمخطوطة ـ والتحقيق العميق والاطّلاع الواسع في استخراج ما يصلح منها للدراسة في «تاريخ النياحة» ، وهذا أحسن اسم اختاره لكتابه ، فإنّ الراثي في عزاء الإمام الشهيد سلام الله عليه كان في القرون الإسلامية الأولى يسمّى «النائح» وقد كان الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام يأمرون الشيعة بالنياحة على جدّهم الشهيدعليهالسلام والندبة له حتّى أنّ أبا هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال لي : أنشدني فأنشدته فقال : لا كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره. قال : فأنشدته :
امرر على جدث الحسين |
|
فقل لاعظمه الزكية |
قال : فلمّا بكى أمسكت أنا فقال : مر فمررت. قال : ثم قال : زدني زدني. قال : فأنشدته :
يا مريم قومي فاندبي مولاك |
|
وعلى الحسين فأسعدي ببكاك |
قال : فبكى وتهايج النساء (٢) ... الحديث.
يظهر من أمثال هذه الأحاديث أنّ الأئمة عليهمالسلام يحبّون النياحة على الحسينعليهالسلام والندبة له ، كما ترثيه الناس بينهم بالنياحة المرسومة فيهم المثيرة للأشجان والأحزان
__________________
(١) تاريخ النياحة ، ج ١ ، ص ١٥٩ ، طبعة طهران.
(٢) انظر كامل الزيارات ، ص ١٠٥ ـ ١٠٦.