ومنهم من أسلم تحت ظلّ السيف!! ومعلوم أنّه في هذه الحالة لم يظهر له دليل دالّ على إثبات الصانع وصفاته.
قلت : إنّهم لم يكلّفوهم بالنظر من أوّل الأمر ، بل كلّفوهم أوّلا بالإقرار والانقياد ، ثمّ علّموهم ما يجب اعتقاده في الله وصفاته ، وكانوا يفيدونهم المعارف الإلهية في المحاورات والمواعظ والخطب على ما تشهد به الأخبار والآثار ، غاية الأمر أنّهم ببركة صحبة النبيصلىاللهعليهوآله وأصحابه والتابعين وقرب الزمان بزمانه عليه الصلاة والسّلام كانوا مستغنين عن ترتيب المقدّمات وتهذيب الدلائل على الوجه الذي ينطبق على القواعد المدوّنة ، ولكنهم كانوا عالمين بالدلائل الإجمالية ، بحيث لم تكن الشبهة والشكوك متطرّقة إلى عقائدهم بوجه من الوجوه.
والحاصل أنّهم كانوا متيقّنين بالمعارف الإلهية ، ويرشدون غيرهم إلى طريق تحصيل اليقين بوجوه شتّى ، حسب ما يقتضيه استعداداتهم ، قال الأعرابي : البعرة تدلّ على البعير وأثر الأقدام على المسير ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلّان على اللطيف الخبير جلّ جلاله؟ وقال بعض العارفين حين سئل بم عرفت ربّك؟ فقال : عرفته بواردات تعجز النفس عن عدم قبولها. وقال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : «عرفت الله بنقض العزائم وفسخ الهمم» وأنت إذا تأمّلت وأحطت بجوانب الكلام علمت أنّ الاشتغال بعلم الكلام إنّما هو من قبيل فرض الكفاية ، وما هو فرض عين هو تحصيل اليقين بما يبلج به صدره وتطمئنّ به نفسه وإن لم يكن دليلا تفصيليا» انتهى كلامه (ره).
«علم الامام عليهالسلام»
والجدير بالذكر هنا أنّ من الاعتقادات التي هي من قبيل الواجبات المشروطة بحصول العلم ، هو الاعتقاد بعلم الامام عليهالسلام من حيث الكمية والكيفية من الحصولي أو الحضوري ، كتفاصيل حقيقة الصراط والميزان والجنّة والنار وغيرها ، فإن حصل العلم بها يجب الاعتقاد تفصيلا. وليس من قبيل الواجبات المطلقة حتّى يكون تحصيل العلم بها من مقدّمات الواجب المطلق ، ولكنّ التحقيق أنّ هذا الموضوع الاعتقادي ليس على