أكرم على الله من ذلك ، ولنا على المذهب الذي وصفناه أدلّة عقلية لا يطعن المخالف فيها ونظائر لما ذكرناه من الأدلّة السمعية ، وبالله أستعين (١) ، انتهى كلام الشيخ المفيد قدسسره.
أقول : والذي استقرّ عليه رأي المحقّقين من كبراء أساتذتنا وأعاظم مشايخنا كشيخنا وأستاذنا الإمام كاشف الغطاء قدسسره ، على ما ذكره في كتابه الفردوس الأعلى وقد جمعناه من رشحات أقلامه الشريفة ، وسيّدنا وأستاذنا المجاهد الأكبر الموسوي الخميني القاطن في النجف الأشرف اليوم أدام الله ظلّه ، وسيّدنا وأستاذنا العلّامة الأكبر السيد الطباطبائي التبريزي صاحب تفسير الميزان دام ظلّه الوارف ، وأستاذنا السيد المجتهد الأكبر السيّد البجنوردي قدس الله روحه ، هو أنّ في هذا الهيكل الإنساني روح مجرّدة بسيطة ، وجسد مادّي مركّب من العناصر ، وجسم آخر أثيري سيّال شفّاف أخفّ وألطف من الهواء ، هو برزخ بين الجسم المادي الثقيل والروح المجرّد الخفيف ، والبدن المادي والبدن الامتدادي المجرّد عن المادّة والروح المجرّدة عنهما شيء واحد ، وهذا البدن الامتدادي الأثيري هو همزة الوصل بين الروح المجرّدة عن المادة ذاتا المتعلّقة بها تصرّفا وبين البدن المادي ذاتا والذي هو آلة الروح تعلّقا وتصرّفا ، وتجد لهذا الرأي إشارة في كلمات الأكابر من القدماء والمتأخّرين ، وهو الذي يستفاد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار الواردة عن العترة الطاهرة عليهمالسلام ، وهو رأي الحكيم المتشرّع الربّاني صدر المتألّهين قدسسره كما ذكره في كتبه وأسفاره ، قال قدسسره في كتابه العرشية : إنّ في باطن هذا الإنسان المخلوق من العناصر والأركان إنسانا نفسانيا وحيوانا برزخيا بجميع أعضائه وحواسه وقواه ، وهو موجود الآن ، وليست حياته كحياة هذا البدن عرضية واردة عليه من خارج بل له حياة ذاتية ، وهذا الإنسان النفساني جوهر متوسّط في الوجود بين الإنسان العقلي والإنسان الطبيعي ... انظر الأدلّة العقلية والنقلية في إثبات هذا الرأي إلى ما ذكره هذا الحكيم والفيلسوف الأكبر الإلهي قدّس
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١٤ ، ص ٤١٢ طبعة امين الضرب.