والعقاب؟ قال قدسسره : أقول : إنّ الله تعالى يجعل لهم أجساما كأجسامهم في الدار الدنيا ، ينعم مؤمنيهم فيها ويعذّب كفّارهم وفسّاقهم فيها ، دون أجسامهم التي في القبور يشاهدها الناظرون تتفرّق وتندرس وتبلى على مرور الأوقات ، وينالهم ذلك في غير أماكنهم من القبور ، وهذا يستمر على مذهبي في النفس ومعنى الإنسان المكلّف عندي ، وهو الشيء المحدث القائم بنفسه الخارج عن صفات الجواهر والأعراض ، ومضى به روايات عن الصادقين من آل محمد صلىاللهعليهوآله ولست أعرف لمتكلّم من الإمامية قبلي فيه مذهبا فأحكمه ، ولا بيني وبين فقهاء الإمامية وأصحاب الحديث فيه اختلافا ، انتهى.
فإنّ التحقيق : أنّ الأشباح موجودة في الإنسان ، وللأرواح تعلّق بها في هذه النشأة الدنيويّة وما يكتسب المكلّف من الثواب والعقاب فيها ويتنعّم أو يتألّم في مدّة البرزخ ، كلّ ذلك بتلك الأشباح والأبدان البرزخية ، ولا إشكال في تألّمه وتعذيبه فيها ، فإنّها غير خارجة عن الأبدان العنصرية بل لها تعلّق شديد وارتباط واتّحاد معها.
ويمكن أن يقال : إنّه ليس في كلام الشيخ المفيد (ره) والشيخ البهائي (ره) وغيرهما من الأكابر اختلاف مع ما ذكرناه في المعنى وإن كان ظاهر كلام الشيخ المفيد (ره) يفيد غير ما ذكرناه ، فإنّما هو اختلاف وتسامح في التعبير وإلّا فالمراد واحد كما يظهر عند التأمل والتحقيق ، وما ذكره الشيخ المفيد (ره) من مذهبه في النفس ومعنى الإنسان وتجرّده ، ونفى فيه الخلاف بين فقهاء الإمامية وأصحاب الحديث كلام حقّ متين.
وعمدة الأقوال في حقيقة الإنسان التي يتحصّل من بين الأقوال الكثيرة في معنى الروح عبارة عن قولين وباقي الأقوال لا يعبأ بها.
الأوّل : أنّه جوهر لطيف نوراني ملكوتي له تعلّق بالبدن.
والثاني : أنّه مجرّد حادث قائم بنفسه خارج عن صفات الجواهر والأعراض كما في تعبير الشيخ (ره) الذي عرفت.
وقال الشيخ المفيد (ره) في جواب السائل عن حقيقة الإنسان : إنّ الإنسان هو ما ذكره بنو نوبخت ، وقد حكى عن هشام بن الحكم (ره) ، والأخبار عن موالينا عليهمالسلام