وضبطه في التاريخ ، وقد حصل لنا هذا اليقين من التأمل في التواريخ والأحاديث وسائر القرائن والأمارات ، كنسبة الصلح إلى أمير المؤمنين عليهالسلام مع معاوية وأنّه وقع بينهما مهادنة ، وقد أوضحنا في كتابنا التحقيق في الأربعين أنّ هذه النسبة أكذوبة واضحة ، ودللنا عليه بأدلّة تامة قوية ، فراجع.
ومن سبر تاريخ الطبري ولا سيما فيما كتبه من تاريخ الإمام عليهالسلام قبل واقعة الطفّ ، وما ضبطه من وقائع تلك الكارثة الفجيعة يظهر له أنّ الإمام عليهالسلام كان عالما بأنّه يكون مقتولا في أرض كربلاء المقدسة ، وكان هذا الأمر مشهورا بين صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله بإخباره ذلك مرارا لهم.
قال السيوطي : وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : «ما كنّا نشكّ وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين عليهالسلام يقتل بالطفّ» (١) ، وإخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله مقتل الحسين عليهالسلام وصل إلى حدّ لا يمكن لأحد من المسلمين إنكاره حتّى أنّ بعض المحشّين لكتاب الخصائص الكبرى من أساتذة الأزهر مع عناده ونصبه وعدم مراعاته الإنصاف وعداوته مع أهل البيت عليهمالسلام بل الإسلام والمسلمين قاطبة ، لم يتمكّن من إنكار أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبر عن مقتل الحسين عليهالسلام (٢).
وإنّي أتعجّب من هذا المحشّي العنيد وقد سوّد هوامش الخصائص الكبرى للسيوطي ـ ذلك الكتاب الممتع من تراثنا الخالد ـ بقلمه وتعاليقه المشئومة كأنّه متعمّد بتزييف الأحاديث التي أخرجها السيوطي والتمسخر بها وتوهينها ، كأنّ له عداء خاص للحديث ورواته والإشكال على الأحاديث بأدنى شبهات واهية وتشكيكات غير واردة ، ورأيت في ج ٢ ، ص ٤٥٤ ما يستهجن ذكره ويقبح نقله ، وعجبت من قلّة حيائه وعدم إبائه من كتابة ما يقبح ذكره ومن تمادي غيّه وضلاله.
وحقّا أقول ـ وما في الحقّ مغضبة ـ : إنّ الرجل ضيّع كتاب الخصائص الكبرى
__________________
(١) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ، ص ٤٥١ ، طبعة مصر.
(٢) الخصائص الكبرى ، ج ٢ ، ص ٤٤٩.