وهذا هو اعتقاد رؤساء الإمامية وكبراء الدين والملّة ممن يعبأ بقوله ويستند إلى أقواله كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد علم الهدى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي والعلّامة الحلّي وأضرابهم من عظماء الإسلام ودعائمه رضوان الله عليهم ، وكذا هو اعتقاد كبراء العلماء الأعلام من أهل السنة وعظمائهم ، فما ورد على خلاف ذلك من طرقهم وطرقنا فأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا في هذا الأمر المهمّ العظيم ، بل هي صادرة عن خصماء الإسلام وأعدائه يطرح ويضرب بها على الجدار.
ص ٣٧٠ س ٩ : «بعد ثلاثة أيام».
قال الشيخ المفيد معلّم الأمّة رزقنا الله تعالى شفاعته في يوم الدين في كتابه مسارّ الشيعة : «وفي هذا اليوم بعينه ـ يعني اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ـ من سنة أربع وثلاثين من الهجرة قتل عثمان بن عفان ، وله يومئذ اثنان وثمانون سنة ، وأخرج من الدار وألقي على مزابل المدينة لا يقدم أحد على مواراته ؛ خوفا من المهاجرين والأنصار حتّى احتيل له بعد ثلاث فأخذ سرّا ودفن في «حشّ كوكب» وهي مقبرة اليهود بالمدينة ، فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان أدخلها بمقابر أهل الإسلام ، وفي هذا اليوم بعينه بايع الناس أمير المؤمنين عليهالسلام بعد عثمان ورجع الأمر إليه في الظاهر والباطن ، واتفقت الكلمة عليه طوعا بالاختيار (١)» وراجع النسخة المخطوطة الموجودة بمكتبتنا المكتوبة سنة ١٣٠٨.
وفي الاستيعاب ـ بترجمته ـ ... لما قتل ألقي على المزبلة ثلاثة أيام ، فلمّا كان من الليل أتاه اثنا عشر رجلا فاحتملوه ، فلما صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بني مازن : والله لئن دفنتموه هاهنا لنخبرن الناس غدا ، فاحتملوه وكان على باب ، وأنّ رأسه على الباب ليقولن «طق طق» حتّى صاروا به إلى «حشّ كوكب» فاحتفروا له.
وقال العلامة الكراجكي (ره) : وقد رام قوم من بني أمية أن يصلّوا عليه فلم يتمكّنوا ، وهمّوا أن يدفنوه في مقابر المسلمين فلم يتركوه حتّى مضوا إلى «حشّ كوكب» وهو بستان بقرب البقيع ثمّ أتوا ليجزّوا رأسه ، فصاح نسوة من أهله وضربن
__________________
(١) مسارّ الشيعة ، ص ٤٠ ، طبعة مصر.