(ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (١).
الخامس : زليخا نفسها قالت : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) (٢) وفي الأخرى : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (٣).
السادس : يوسف عليهالسلام حكى براءته بقوله : (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) (٤) (لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) (٥) ولو قصد المعصية لخانه.
هذا مع أنّ الآية تحتمل وجوها :
الأوّل : أنّ قوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) أي قصدت مخالطته وقصد دفعها عن نفسه ، ولا بدّ من التقدير ؛ لأنّ الجواهر لا تقصد ذاتها بل تقصد صفة من صفاتها (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) جواب لو لا محذوف ، لدلالة الكلام عليه ، أي لو لا برهان ربّه لم يهمّ بدفعها ، والبرهان هو الدليل على تحريم الهمّ بها للزنا ، فإنّ كل دليل شرعي هو برهان بالنسبة إلى الشارع.
وقيل بعدم تقدير الجواب بل الجواب ظاهر ، وهو أنّ المراد همّ بدفعها عن نفسه لو لا ، وفائدة لو لا أن راى برهان ربّه مع أنّ دفعها عن النفس واجب (٦) والبرهان لا يصرف عنه : أنّه جائز لما همّ بدفعها أراه الله برهانا على أنّه إن أقدم على ما همّ به أهلكه أهلها وقتلوه ، أو أنّها تدّعي عليه المراودة وتنسبه إلى أنّه دعاها إلى نفسه وضربها لأجل امتناعها منه ، فأخبر الله تعالى أنّه صرف بالبرهان عنه السوء ، وهو القتل والمكروه والفحشاء وهو ظن القبيح واعتقاده فيه.
الثاني : أن يكون الضمير واحدا ويكون في الكلام تقديم وتأخير ، أى لو لا أن رأى
__________________
(١) يوسف ١٢ : ٥١.
(٢) يوسف ١٢ : ٣٢.
(٣) يوسف ١٢ : ٥١.
(٤) يوسف ١٢ : ٢٦.
(٥) يوسف ١٢ : ٥٢.
(٦) جائز ـ خ : (آ).