الثاني : قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) (١) قالت الحشوية : إنّه جلس بين فخذيها مجلس الفجور فرأى يعقوب عاضّا على إصبعه محذّرا له ، فزال عنها. وأيضا الهمّ : العزم على الفعل وإرادة المعصية ، والعزم عليها معصية.
والجواب : لعن الله الحشوية الذين ينسبون إلى أنبياء الله ما لا يجوز ، وحاشا نبي الله ـ الذي قال الله في حقّه : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (٢) وقال نبيّنا صلىاللهعليهوآله : «الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» ـ من فعل الخيانة والمعصية القبيحة الشنيعة التي يستنكف من فعلها على ذلك الوجه أراذل الناس.
هذا مع أنّ كلّ من له تعلّق بالواقعة برّأه من المعصية :
الأوّل : الحاكم بالمعصية وهو الله قال : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) إلى قوله تعالى : (قالَ مَعاذَ اللهِ) (٣) وفي آية أخرى (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (٤).
الثاني : إبليس قال : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٥) ويوسف كان مخلصا بشهادة الله ، فالحشوي إن كان على دين الله وجب قبوله من الله ، وإن كان على دين إبليس وجب قبوله منه ، لكنّه خالف صديقه ولم يوافق عدوّه (ممّن برّأ يوسفعليهالسلام (٦)).
الثالث : زوج المرأة بقوله : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (٧).
الرابع : الشهود (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٨) وقول النسوة :
__________________
(١) يوسف ١٢ : ٢٤.
(٢) يوسف ١٢ : ٢٤.
(٣) يوسف ١٢ : ٢٣.
(٤) يوسف ١٢ : ٢٤.
(٥) الحجر ١٥ : ٤٠.
(٦) ممّن برّأ يوسف عليهالسلام ـ حاشية ـ خ : (د).
(٧) يوسف ١٢ : ٢٨. فنسب الكيد إلى المرأة دونه ـ زوّج الشيء بالشيء قرنه به.
(٨) يوسف ١٢ : ٢٦ ـ ٢٧.