المهاجرون والأنصار بيعة لم ير لها نظير في التاريخ ، فوقع صِدَام بين طائفتين من المسلمين كانت نتيجته إراقة دماء عشرات الأُلوف ، إلى أن انتهى إلى التحكيم؟
أم يوم ظهر الخوارج على الساحة الإسلامية يَغيرون ويقتلون الأبرياء إلى أن انتهت فتنتهم بقتل مشايخهم في النهروان؟
أم يوم أُغير على آل رسول الله بكربلاء ، حيث قتل فيه أبناء المصطفى ، وفيهم سبطه وريحانته سيد شباب أهل الجنّة ، وسُبيت بنات الزهراء ومن معهنّ من نساء أهل البيت حتى لم يبقَ بيت له برسول الله صلة إلّا وقد ضُجَّت فيه النوائح وعمّته الآلام والأحزان؟
أم يوم أُبيحت فيه مدينة رسول الله في وقعة الحرّة الشهيرة فقُتل الأصحاب والتابعون ، ونهبت الأموال ، وبقرت بطون الحوامل وهتكت الأعراض حتى ولدت الأبكار دون أن يعرفن أولادهن؟ (١)
أم يوم حاصر جيش بني اميّة مكّة المكرّمة والبيت العتيق ورموه بالحجارة ، لأجل القضاء على عبد الله بن الزبير؟
أم يوم تسلّم عبد الملك بن مروان منصّة الخلافة ، وقد عيّن الحجاج بن يوسف عاملاً على العراق ، فسفك دماءً طاهرة ، وقتل الأبرياء ، وزجّ بالسجون رجالاً ونساءً من دون أن تظلّهم مظلّة تقيهم حرّ الشمس وبرد الليل القارص؟
فكل تلك الحوادث الدموية قد وقعت ولمّا ينقضي القرن الأوّل ، فكيف يمكن أن يكون خير القرون وأفضلها؟!
وإن كان صاحب القرن هو الرسول الأعظم أفضل الخلق؟ إلّا أنّ سيرته ،
__________________
(١) منهج في الانتماء المذهبي : ص ٢٧٧.