الهجرة إلى قبره كهي إليه حيّاً (١).
وقال في موضع آخر : إنّ أثر الزيارة إمّا الموت على الإسلام مطلقاً لكلّ زائر ، وإمّا شفاعة تخصّ الزائر أخصّ من العامّة ، وقوله : شفاعتي في الإضافة إليه تشريف لها ، إذ الملائكة وخواص البشر يشفعون ؛ فللزائر نسبة خاصة فيشفع هو فيه بنفسه ، والشفاعة تعظّم بعظم الزائر (٢).
٣١ ـ قال الشيخ حسن بن عمار الشرنبلالي : زيارة النبي صلىاللهعليهوآله من أفضل القربات وأحسن المستحبّات تقرب من درجة ما لزم من الواجبات ، فإنّه صلىاللهعليهوآله حرّض عليها وبالغ في الندب إليها. قال صلىاللهعليهوآله : «من وجد سعة فلم يزرني فقد جفاني» وقال صلىاللهعليهوآله : «من زار قبري وجبت له شفاعتي». وقال صلىاللهعليهوآله : «من زارني بعد مماتي فكأنّما زارني في حياتي» إلى أن قال : وممّا هو مقرر عند المحقّقين أنه صلىاللهعليهوآله حيّ يُرزق ممتّع بجميع الملاذ والعبادات ، غير أنّه حجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات (٣).
٣٢ ـ وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري (ت ١٠٦٩ ه): واعلم أنّ هذا الحديث (شدّ الرِّحال إلى المساجد) هو الّذي دعا ابن تيمية ومن معه كابن قيّم إلى مقالته الشنيعة الّتي كفّروه بها ، وصنّف فيها السبكي مصنّفاً مستقلاً ، وهي منعه من زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو كما قيل :
لمهبط الوحي حقّاً ترحل النجُبُ |
|
وعند ذاك المُرَجَّى ينتهي الطلبُ |
فتوهم أنّه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها ؛ فإنّها لا تصدر عن
__________________
(١) شرح الجامع الصغير ٦ : ١٦٠.
(٢) شرح الجامع الصغير ٦ : ٩٣.
(٣) مراقي الفلاح في شرح متن نور الإيضاح : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، ط مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده ، مصر.