ثور ، فما توارت بيدك من شعرة فانّك تعيش بها سنة (١).
وأخرجه ابن جرير الطبري في تأريخه ، وقال : «إنّ ملك الموت يأتي الناس عيوناً حتى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه ـ إلى أن قال : ـ فجاء بعد ذلك إلى الناس خفية» (٢).
والحديث غنيّ عن التعليق ولا يوافق الكتاب ولا سنّة الأنبياء ولا العقل السليم من جهات هي :
١ ـ انّه سبحانه يقول : (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣) فظاهر قوله : «أجب ربك» انّه كان ممّن كتب عليه الموت وجاء أجله ومع ذلك تأخّر.
٢ ـ من درس حياة الأنبياء بشكل عام يقف على أنّهم عليهمالسلام ما كانوا يكرهون الموت كراهة الجاهلين ، وهل كانت الدنيا عند الكليم أعزّ من الآخرة ، وهل كانت تخفى عليه نعمها ودرجاتها؟!
٣ ـ ما ذنب ملك الموت؟ إنْ هو إلّا رسول من الله مجنّد له ، يعمل بإمرته ، فهل كان يستحق مثل هذا الضرب؟!
٤ ـ كيف تُرِك القصاص عن موسى مع أنّه سبحانه يقول : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ)(٤).
__________________
(١) مسلم ، الصحيح ، ج ٧ ، كتاب الفضائل في باب فضائل موسى ؛ البخاري ، الصحيح ٤ : ١٥٧ ، كتاب بدء الخلق ، باب وفاة موسى.
(٢) الطبري ، التاريخ ١ : ٣٠٥ ، باب وفاة موسى.
(٣) يونس : ٤٩.
(٤) المائدة : ٤٥.