قائلاً بأنّه لا يظن أنّه يغني شيئاً ، فتركه الناس وواجهوا الخسارة وعدم الإثمار ، فأتوا إلى النبيّ الأكرم ، فقال ما قال ، وإليك نصّ الرواية :
١ ـ روى مسلم ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه ، قال : مررت ورسول اللهصلىاللهعليهوآله بقوم على رءوس النخل فقال : «ما يصنع هؤلاء؟» فقالوا : يُلقِّحونه ، يجعلون الذكر في الأُنثى فتلقح ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ما أظنّ يغني ذلك شيئاً» فأخبروا بذلك ، فتركوه ، فأخبر رسول الله بذلك ، فقال : «إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه ، فإنّي إنّما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظنّ ، ولكن إذا حدّثتكم عن الله شيئاً فخذوا به ، فإنّي لن أكذب على الله عزوجل»(١).
وروى عن رافع بن خديج ، قال : قدم نبيّ الله المدينة وهم يُؤبِّرون (٢) النخل ، يقولون : يلقّحون النخل ، فقال : «ما تصنعون؟» قالوا : كنّا نصنعه ، قال : «لعلّكم لو لم تفعلوا كان خيراً» فتركوه فنقضت ، قال : فذكروا ذلك له ، فقال : «إنّما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فانّما أنا بشر» (٣).
والعجب أنّ مؤلّف الصحيح مسلم النيسابوري ذكر الحديث في باب أسماه ب «وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره صلىاللهعليهوآله من معايش الدنيا على سبيل الرأي» نحن نعلّق على الحديث بشيء بسيط ونترك التفصيل إلى القارئ.
أوّلاً : نفترض أنّ النبي الأكرم ليس نبياً ، ولا أفضل الخليقة ، ولا من أُنزل إليه الكتاب والحكمة ، ولا من وصف الله سبحانه علمه بكونه عظيماً ، ولكن كان عربياً صميماً ولد في أرض الحجاز ، وعاش بين ظهراني قومه وغيرهم في الحضر
__________________
(١) مسلم ، الصحيح ١٥ : ١٢٦ الباب ٣٨ ، كتاب الفضائل.
(٢) أبر يأبر كبذر يبذر : أدخل شيئاً من طلع الذكر في طلع الأُنثى فتعلق بإذن الله.
(٣) المصدر السابق : ص ١٢٧.