وأما أن البقاء مع تحصيل المعارف والطاعات أفضل ، ففيه أولا أنه لا ينافي كون هذا فضيلة وان كان ذاك أفضل. وثانيا أن مراتب التحمل والقوة للخوف المزبور مختلفة والموت والحياة بيد الله سبحانه وليس بيده ، وهو يدري أنه لو بقي مع هذا الخوف الحاصل له كان أقوى له في تحصيل المعارف لكن الله لا يفعل الا ما فيه صلاحه ولعل قوته وبنيته لا يتحمل أزيد من هذا القدر من المعرفة أو لعل الله سبحانه من شدة حبه له أحب لقاءه فأماته ، فلا يرد على هذا الخائف الذي يمرض ويموت من شدة الخوف اعتراض في خوفه. وأي داع الى تأويل الخبر المذكور مع ظهور معناه وموافقته للاعتبار العقلي وظواهر الأخبار الاخر. نعم ، الخوف الذي يؤدي الى الكسل والبطالة واليأس من رحمة الله نقص يجب ازالته كما أشرنا اليه في المتن وهذا واضح. منه عفي عنه.
( ٤٠ )
ص ١٨٨ س ١٨
اشارة الى اشتباه صدر من بعض معاصرينا الأعلام (١) حيث فسره بها وجعل الثبات فردا منه بتخصيصه بقوة المقاومة والتحمل للشدائد والأهوال وتعميم الأول بالواردات كائنا ما كان وهو مخالف لكلام علماء الأخلاق قاطبة ، ولا مناسبة له بهذا المعنى فان لفظ الكبر صريح في أن هناك تحقيرا وتعظيما ، فاذا عد نفسه بالنسبة الى واردات الدهر كبيرة كانت هي بالنسبة اليه حقيرة سواء كانت من جنس الملائم أو المنافر ، كما أن الكبر معناه استعظام النفس بالنسبة الى الغير مع أنه اذا فسر بقوة التحمل على الواردات فالتحمل لا يصدق الا بالنسبة الى أمر ... شاق فلا يبقى فرق بينه وبين الثبات بل يكونان مترادفين مع أنهم جعلوا نوعين من الفضائل وفسروا الأول بما
__________________
١ ـ في جامع السعادات ١ / ٢٦٢.