أشرنا إليه ، فإنّها لاتطهر الا بتكلّف الذل وتكريره حتّى تعتاد فتبدّل ملكة البخل بملكة السخاء ، ثم شكر المنعم المفضل ، فكما يستحقّ بإعطاء نعمة البدن الشكر بالعبادة البدنية والمجاهدات النفسيّة فكذا يستحقّ بإعطاء نعمة المال الشكر بالعبادة المالية ، وما أقبح بالغني المسلم أن ينظر إلى فقير محتاج إلى القوتفلا يؤدّي حق الشكر على أن لم يجعله مثله في الاحتياج.
ومن جملة فوائدها تكفير مظالم العباد التي ركبته في معاملاته معهم بها ، وفي خصوص الكفّارات تأديب العاصي بالرياضات على ما صدر منه من الخطأ والسيّئات ومقابلة المعاصي الصادرة عنه التي استحقّ بها العقاب ، وازدياد النعم التي لم يستحقّها ، ودفع البليا والمصائب الدنيوية التي استحقها بدعاء الفقراء المؤمنين ، وهذا كما أنّه السرّ في ترغيب الأغنياء في إعانة الفقراء والمساكين فكذلك هو السرّ في اختيار الفقر كثير من أوليائه الصالحين ، كما أوحى الله تعالى إلى موسى عليهالسلام لمّا شكا إليه تعالى من إجراء رزقه على أيدي بني إسرائيل :
« هكذا أصنع بأوليائي أجري أرزاقهم على أيدي البطّالين من عبادي ليؤجروا فيهم ». (١)
ثم من أعظم الغايات حصول التشبّه بالمبدأ بسببه ومدخليّته في النظام الأصلح.
وأمّا الآداب الباطنة للصدقات فمنها اغتنام الفرصة بخطور الخير من باطنه تعجيلاً لادخال السرور في قلب الفقير وحذراً من عوائق التأخير آفاتها التي معظمها لمّة الشيطان حيث يعد الفقر ويبتلي العبد بالنسيان ، وصون الفقير عن ذلّ السؤال حتى يتحقّق الاحسان ، والا فهي معاوضة بما بذله من ماء وجهه ، كما ورد في الأخبار.
ومنها : إعلان المعطي بواجبها ترغيباً للناس بالاقتداء به إن لم يستح
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٣٣٦.