وفي الخبر : « أوحى الله تعالى إلى داود : تخلّق بأخلاقي ، ومن أخلاقي أنّي أنا الصبور ». (١)
تلخيص
ما يلقاه العبد في الدنيا إما موافق لطبعه كالصحّة واتّساع الجاه والمال وكثرة الأعوان والأولاد ، أو مخالف كالمصائب والأعمال الشاقّة وترك المعاصي.
فالأوّل إن لم يصبر عليه الانسان أدركه البطر والطغيان.
( إنّ الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى ). (٢)
ولذا قيل : الصبر على العافية أشدّ من الصبر على البلاء.
ومن هنا قال تعالى : ( لاتلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ) (٣) ( إنّما أموالكم وأولادكم فتنة لكم ). (٤)
فالحري بحاله ترك الانهماك في التنعّمات والتعلّق بها والاعتماد عليها بترك التفاخر على فاقديها ورعاية حقوق الله فيها ببذلها ، وفي البدن والجاه بإعانة الضعفاء والمساكين وإغاثة الملهوفين ودفع الظلم عن المظلومين ، وهذا أشدّ مراتبه على الانسان لتمكّنه من التمتّع بها وميل الطبع إليها وعدم حاجز شرعي عنها.
والثاني لا يخلو عن قسمين :
إمّا مقدور له وهو أيضاً على قسمين :
الأول : فعل ما يشقّ فعله عليه كالطاعات ، والسرّ في صعوبتها أوّلاً : أنّ النفس بطبعها مائلة إلى الربوبية والتعزّز ، نافرة عن التذلّل ، كما أشير إليه فيما مضى.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ١٠٧.
٢ ـ العلق : ٦ ـ ٧.
٣ ـ المنافقون : ٩.
٤ ـ التغابن : ١٥.