قلت : وكان الشافعيّ مع عظمته في علم الشريعة وبراعته في العربية بصيرا في الطّبّ. نقل ذلك غير واحد.
فعنه قال : عجبا لمن يدخل الحمّام ثمّ لا يأكل من ساعته ، كيف يعيش؟ وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته ، كيف يعيش (١)؟
وقال حرملة عنه : من أكل الأترجّ ثمّ نام لم يأمن أن تصيبه ذبحة.
وقال محمد بن عصمة الجوزجانيّ : سمعت الربيع ، سمعت الشافعيّ يقول : ثلاثة أشياء دواء لمن لا دواء له ، وأعيت الأطباء مداواته : العنب ، ولبن التفاح ، وقصب السّكّر. ولو لا قصب السّكّر ما أقمت ببلدكم (٢).
وقال : سمعت الشافعيّ يقول : كان غلامي أعشى ، فلم يكن يبصر باب الدّار ، فأخذت له زيادة الكبد ، فكحّلته بها ، فأبصر (٣).
وعنه قال : عجبا لمن تعشّى البيض المسلوق ثم نام عليه كيف لا يموت (٤)؟
وقال : الفول يزيد في الدّماغ ، والدّباغ يزيد في العقل (٥).
وعن يونس ، عنه قال : لم أر أنفع للوباء من البنفسج ، يدهن به ويشرب (٦).
وقال صالح جزرة : سمعت الربيع : سمعت الشافعيّ يقول : لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطّبّ ، إلّا أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عليه.
وقال حرملة : كان الشافعيّ يتلهّف على ما صنع المسلمون من الطّبّ ويقول : ضيّعوا ثلث العلم ، ووكّلوه إلى اليهود والنّصارى (٧).
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ١٤٣ ، مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١١٩.
(٢) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١٢٢.
(٣) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١٢٢.
(٤) حلية الأولياء ٩ / ١٤٣ ، مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١١٨.
(٥) آداب الشافعيّ ٣٢٢ ، ٣٢٣ ، حلية الأولياء ٩ / ١٣٧ و ١٤١ ، الإنتقاء ٨٧.
(٦) آداب الشافعيّ ٣٢٣ ، ٣٢٤ ، مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١١٨.
(٧) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١١٦ ، توالي التأسيس ٦٦ ، وانظر حلية الأولياء ٩ / ١٣٦ و ١٤٢.