وقد روي عن ثعلب أنّه قال : لو لا الفرّاء لما كانت عربيّة ، ولسقطت ، لأنّه خلّصها ، ولأنّها كانت تتنازع ويدّعيها كلّ أحد (١).
وذكر أبو بديل الوضّاحيّ قال : أمر المأمون الفرّاء أن يؤلّف ما يجمع به أصول النحو. وأمر أن يفرد في حجرة ، ووكّل به خدما وجواري يقمن بما يحتاج إليه. وصيّر له الورّاقين. فكان على ذلك سنين (٢).
قال : ولما أملى كتاب «المعاني» اجتمع له الخلق ، فلم يضبط إلّا القضاء ، وكانوا ثمانين قاضيا ، وأملّ «الحمد» في مائة ورقة (٣).
قال : وكان المأمون قد وكّل بالفرّاء ابنيه يلقّنهما النّحو. فأراد يوما النّهوض فابتدار إلى نعله فتنازعا أيّهما يقدّمه. ثمّ اصطلحا أن يقدّم كلّ واحد فردة. فبلغ المأمون فقال : ليس يكبر الرجل عن تواضعه لسلطان ووالده ومعلّمه العلم (٤).
وقال ابن الأنباريّ : لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربيّة إلّا الكسائيّ والفرّاء لكان لهم بهما الافتخار على النّاس.
قال : وكان يقال للفرّاء أمير المؤمنين في النّحو (٥).
وعن هنّاد بن السّريّ قال : كان الفرّاء يطوّف معنا على الشيوخ فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء. فظننّا أنّه كان يحفظ ما يحتاج إليه (٦).
قيل : إنّما سمّي بالفرّاء لأنّه كان يفري الكلام (٧).
قال سلمة بن عاصم : إنّي لأعجب من الفرّاء كيف يعظّم الكسائيّ وهو أعلم منه بالنّحو.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٤ / ١٤٩ ، والأنساب ٩ / ٢٤٧ ، ومعجم الأدباء ٢٠ / ١١ وفيه «حصلها» بدل «خلصها» وهو تحريف.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ١٤٩ ، ١٥٠ وفيه رواية أطول مما هنا ، ومعجم الأدباء ٢٠ / ١٢ ، ١٣ ، ووفيات الأعيان ٦ / ١٧٧ ، ١٧٨.
(٣) المصادر نفسها.
(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ١٥٠.
(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ١٥٢ ، ومعجم الأدباء ٢٠ / ١٣.
(٦) تاريخ بغداد ١٤ / ١٥٢.
(٧) الأنساب ٩ / ٢٤٧.