والعقل ، يأكل مما تأكل ، ويشرب مما تشرب . . . . فأي تميّز له عليك ؟ وأي فضيلة أوجبت استخدامك ؟ وما دليله على صدق دعواه ؟ (١)
والجواب :
ليس هذا المذكور في الدليل بشيء مستحدث ، بل هذا ما كان المشركون يكررونه على ألسنتهم معترضين على رسلهم ، كما ذكره تعالى في الكتاب الكريم .
قال تعالى : ( . . . وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا : هَلْ هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ . . . ) (٢) .
وقال تعالى : ( وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا : مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ، يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ ، وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ) (٣) .
ولكن الرسل قابلتهم بالجواب ، وصدّقتهم بأنّهم مثلهم في الجسم والصورة ، لكنهم غيرهم في المعرفة والكمال الروحي ، لصلتهم بالله سبحانه دونهم ، واطلاعهم على العيب بإذنه سبحانه .
قال عزّ من قائل :
( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ، وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ، وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (٤) .
__________________
(١) انظر للوقوف على مدارك أدلة البراهمة ، الملل والنحل للشهرستاني ، ج ٢ ، ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، طبعة مصر ، وكَشْف المراد ، للعلامة الحلي ، ص ٢١٧ ، طبعة صيدا . وشرح التجريد ، لنظام الدين القوشجي ، ص ٤٦٣ ، طبعة إيران .
(٢) سورة الأنبياء : الآية ٣ .
(٣) سورة المؤمنون : الآيتان ٣٣ و ٣٤ .
(٤) سورة ابراهيم : الآية ١١ .