لم يصل إلى وفاق في مجال الأخلاق وقد تعددت المناهج الأخلاقية في العصر الأخير إلى حد التضاد فيما بينها .
ونضرب مثالا بأحدها : الشيوعية . إنها تدعى لنفسها منهجا أخلاقياً من أُصوله أن الإِنسان لا يكون شيوعياً إلا بالتضحية بكل شيء لبناء صرح حكومة العمال في العالم ، وكل ما كان يصبّ في هذا المنحى فهو من الأخلاق الفاضلة ، وإن كان ذلك إعداماً ، وتدميراً وسرقة واختلاساً . ولأجل تبرير هذه الآراء الشاذة اعتنقوا الأصل المعروف : « الغايات تبرر الوسائل » .
يقول لينين ـ أحد زعماء الشيوعية بعد ماركس وانجلز ـ : « إن الشيوعي هو من يتحمل كل التضحيات ويلجأ إلى انواع الحيل والأفعال غير المشروعة ، ليجد لنفسه موضعاً ، وموطيء قدم في الإِتحاديات التجارية » (١) .
فإذا كان هذا حال الإِنسان في معرفة المسائل الإبتدائية في الاقتصاد والأخلاق ، فما ظنك بحاله في المسائل المبنية على أُسس تلك العلوم . أفبعد هذا الجهل المطبق يصح لنا أن نقول إن الأنسان غني عن الوحي في سلوك طريق الحياة .
ثالثاً ـ إنّ التعرف على عوامل السعادة والشقاء له صلة وطيدة بسلوك الإنسان في الحياة ، ومع الأسف إنّ الإنسان ـ مع ما يدّعيه من العلم والمعرفة ـ لم يدرك بعد تلك العوامل ، بشهادة أنه يشرب المسكرات ، ويستعمل المخدرات ، ويتناول اللحوم الضارة . كما يقيم إقتصاده على الربا ، الذي لا يشك إنسان عطوف على المجتمع بأنه عامل إيجاد التفاوت الطبقي بين أبناء المجتمع .
هذه الوجوه وأمثالها ترشدنا إلى أن الإِنسان ليس ـ ولم يكن ـ غنياً عن تعاليم الأنبياء ، وتدعم بوضوح لزوم بعثتهم لنشر المعرفة بين الأمم الإِنسانية .
قال القاضي عبد الجبار : « إنه قد تقرر في عقل كل عاقل ، وجوب دفع
__________________
(١) موسوعة نيقولاي لينين ، ج ١٧ ، ص ١٤٢ ، طبعة ١٩٢٣ .