سلطانهم بالشام (١) .
ومن المأسوف عليه أنّ هذا الطريق الذي سلكه قيصر ، ووجده وسيلة كافية لكشف الحقيقة بذكائه ، قد ترك بين المسلمين قرون عديدة .
وسلوك هذا الطريق ، وجمع القرائن والشواهد الدالّة على صدق دعوى المدّعي ، أكثر ملائمة لروح أبناء هذا العصر من التركيز على المعاجز المدوّنة في كتب الحديث ، التي مضت عليها قرون . نعم ، المعاجز أشدّ تأثيراً ، وأسرع في جلب القلوب لمن شاهدها بأُم عينيه . ولأجل ذلك كان عامة الأنبياء مجهزين بها بالنسبة إلى أبناء زمانهم .
وممن طرق هذا الباب في القرن الثالث عشر أحد مشايخ الشيعة في مدينة إسطنبول ، فقد ألف كتابه « ميزان الموازين » ، وأوعز إلى هذا الطريق عند البحث عن نبوّة خاتم الأنبياء (٢) . وبعده الكاتب السيد محمد رشيد رضا ، مؤلّف المنار ، في كتابه « الوحي المحمدي » ، فقد بلغ الغاية في جمع الشواهد والقرائن . وسنسلك نحن هذا الطريق عند البحث في النبوّة الخاصة .
وفي الختام نركّز على نكتة ، وهي أنّ الإعتماد على الطريقين الأخيرين ، لا يعني الإكتفاء بهما ورفض ما ثبت بالتواتر من المعجزات والبيّنات ، بل لكل موقعه الخاص يعرفه الكاتب القدير ، والخطيب البارع ، ويستفيد من كلٍّ حسب ما يناسبه الحال .
* * *
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٢٩٠ ـ ٢٩١ . حوادث السنة السادسة للهجرة .
(٢) طبع الكتاب عام ١٢٨٨ .