المعنى : أنّ الأولاد يخدمون. قال ابن قتيبة : الحفدة : الخدم والأعوان ، فالمعنى : هم بنون ، وهم خدم. وأصل الحفد : مداركة الخطو والإسراع في المشي ، وإنما يفعل الخدم هذا ، فقيل لهم : حفدة. ومنه يقال في دعاء الوتر :
(٨٦٤) «وإليك نسعى ونحفد».
والثاني : أن يراد بالخدم : المماليك ، فيكون معنى الآية : وجعل لكم من أزواجكم بنين ، وجعل لكم حفدة من غير الأزواج ، ذكره ابن الأنباري. والثالث : أنهم بنوا امرأة الرجل من غيره ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال الضّحّاك. والرابع : أنهم ولد الولد ، رواه مجاهد عن ابن عباس. والخامس : أنهم : كبار الأولاد ، والبنون : صغارهم ، قاله ابن السّائب ، ومقاتل. قال مقاتل : وكانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم. قال الزّجّاج : وحقيقة هذا الكلام أنّ الله تعالى جعل من الأزواج بنين ، ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة.
قوله تعالى : (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) قال ابن عباس : يريد : من أنواع الثّمار والحبوب والحيوان. قوله تعالى : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الأصنام ، قاله ابن عباس. والثاني : أنه الشّريك والصّاحبة والولد ، فالمعنى : يصدّقون أنّ لله ذلك؟! قاله عطاء. والثالث : أنه الشيطان ، أمرهم بتحريم البحيرة والسّائبة ، فصدّقوا.
وفي المراد ب «نعمة الله» ثلاثة أقوال : أحدها : أنها التّوحيد ، قاله ابن عباس. والثاني : القرآن ، والرّسول. والثالث : الحلال الذي أحلّه الله لهم.
قوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً) وفي المشار إليه قولان :
أحدهما : أنها الأصنام ، قاله قتادة. والثاني : الملائكة ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (مِنَ السَّماواتِ) يعني : المطر ، ومن «الأرض» النّبات والثّمر. قوله تعالى : (شَيْئاً) قال الأخفش : جعل «شيئا» بدلا من الرّزق ، والمعنى : لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي لا يقدرون على شيء. قال الفرّاء : وإنّما قال في أول الكلام «يملك» وفي آخره «يستطيعون» ، لأنّ «ما» في مذهب : جمع لآلهتهم ، فوحّد «يملك» على لفظ «ما» وتوحيدها ، وجمع في «يستطيعون» على المعنى ، كقوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (١).
قوله تعالى : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) أي : لا تشبّهوه بخلقه ، لأنه لا يشبه شيئا ، ولا يشبهه شيء ، فالمعنى : لا تجعلوا له شريكا. وفي قوله : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أربعة أقوال :
____________________________________
(٨٦٤) ضعيف. أخرجه البيهقي ٢ / ٢١٠ عن خالد بن أبي عمران مرسلا مرفوعا ، فهو ضعيف. وهو بعض حديث. وأخرجه البيهقي ٢ / ٢١٠ ، ٢١١ عن عمر موقوفا ، وقال الزيلعي في «نصب الراية» ٢ / ١٣٥ : روى هذا الدعاء أبو داود في مراسيله عن خالد بن أبي عمران أن جبريل علمه للنبي صلىاللهعليهوسلم. وهذا مرسل جيد الإسناد رجاله ثقات إلا أنه لم يذكر أنه في وتر أو في غير وتر. وانظر «تلخيص الحبير» ٢ / ٢٤.
__________________
(١) سورة يونس : ٤٢.