سورة يونس
فصل في نزولها : روى عطيّة ، وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكيّة ، وبه قال الحسن ، وعكرمة. وروى أبو صالح عن ابن عباس أنّ فيها من المدني قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) (١) الآية. وفي رواية عن ابن عباس : فيها ثلاث آيات من المدنيّ ، أوّلها قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) (٢) إلى رأس ثلاث آيات ، وبه قال قتادة. وقال مقاتل : هي مكيّة ، غير آيتين ، قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) والتي تليها. وقال بعضهم : هي مكيّة إلا آيتين ، وهي قوله تعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) (٣) والتي تليها.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١))
فأمّا قوله تعالى : (الر) : قرأ ابن كثير : «الر» بفتح الرّاء ، وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : «الر» على الهجاء مكسورة. وقد ذكرنا في أوّل سورة «البقرة» ما يشتمل على بيان هذا الجنس. وقد خصّت هذه الكلمة بستة أقوال (٤) : أحدها : أنّ معناها : أنا الله أرى ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس (٥). والثاني : أنا الله الرّحمن ، رواه عطاء عن ابن عباس. والثالث : أنه بعض اسم من أسماء الله. روى عكرمة عن ابن عباس قال : «الر» و «حم» و «نون» حروف الرّحمن. والرابع : أنه قسم أقسم الله به ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والخامس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، وقتادة. والسادس : أنه اسم للسّورة ، قاله ابن زيد.
وفي قوله تعالى : (تِلْكَ) قولان : أحدهما : أنه بمعنى «هذه» ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، واختاره أبو عبيدة. والثاني : أنه على أصله. ثم فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنّ الإشارة إلى الكتاب المتقدّمة من التّوراة والإنجيل. قاله مجاهد ، وقتادة ؛ فيكون المعنى : هذه الأقاصيص التي تسمعونها ، تلك
__________________
(١) سورة يونس : ٤٠.
(٢) سورة يونس : ٩٤.
(٣) سورة يونس : ٥٨.
(٤) تقدم الكلام على الأحرف المقطعة في سورة البقرة ، والصحيح في ذلك أن يقال : الله أعلم بمراده.
(٥) أخرجه الطبري ١٧٥٣٣ عن الضحاك ، وأخرجه ١٧٥٣٤ عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس.
وعطاء اختلط ، فالخبر واه عن ابن عباس ، وحسبه أن يكون عن الضحاك.