سورة التّوبة
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١))
فصل في نزولها : هي مدنيّة بإجماعهم ، سوى الآيتين اللتين في آخرها (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) (١) فإنها نزلت بمكّة.
(٦٦٢) روى البخاريّ في «صحيحه» من حديث البراء قال : آخر سورة نزلت براءة. وقد نقل عن بعض العرب أنه سمع قارئا يقرأ هذه السّورة ، فقال الأعرابيّ : إنّي لأحسب هذه من آخر ما نزل من القرآن. قيل له : ومن أين علمت؟ فقال : إنّي لأسمع عهودا تنبذ ، ووصايا تنفّذ.
فصل : واختلفوا في أوّل ما نزل من (براءة) على ثلاثة أقوال : أحدها : أنّ أول ما نزل منها قوله تعالى : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) (٢) ، قاله مجاهد. والثاني : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) (٣) ، قاله أبو الضّحى وأبو مالك. والثالث : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) (٤) ، قاله مقاتل. وهذا الخلاف إنما هو في أوّل ما نزل منها بالمدينة ، فإنّهم قد قالوا : نزلت الآيتان اللتان في آخرها بمكّة.
فصل : ولها تسعة أسماء : أحدها : سورة التّوبة. والثاني : براءة ؛ وهذان مشهوران بين الناس. والثالث : سورة العذاب ، قاله حذيفة. والرابع : المقشقشة ، قاله ابن عمر. والخامس : سورة البحوث ، لأنها بحثت عن سرائر المنافقين ، قاله المقداد بن الأسود. والسادس : الفاضحة ، لأنها فضحت المنافقين ، قاله ابن عباس. والسابع : المبعثرة ، لأنها بعثرت أخبار الناس وكشفت عن سرائرهم ، قاله الحارث بن يزيد وابن إسحاق. والثامن : المثيرة ، لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، قاله قتادة. والتاسع : الحافرة ، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ، قاله الزّجّاج.
____________________________________
(٦٦٢) صحيح. أخرجه البخاري ٤٣٦٤ و ٤٦٠٥ و ٤٦٥٤ و ٦٧٤٤ ومسلم ١٦١٨ ح ١١ و ١٦١٨ ح ١٣. وأبو داود ٢٨٨٨ والترمذي ٣٠٤٤ و ٣٠٤٥ من حديث البراء.
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٨.
(٢) سورة التوبة : ٢٥.
(٣) سورة التوبة : ٤١.
(٤) سورة التوبة : ٤٠.