سورة الأعراف
فصل في نزولها : روى العوفيّ ، وابن أبي طلحة ، وأبو صالح عن ابن عباس ، أن سورة (الأعراف) من المكّيّ ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، وجابر بن زيد ، وقتادة. وروي عن ابن عباس ، وقتادة أنها مكّيّة ، إلّا خمس آيات ؛ أوّلها قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) (١). وقال مقاتل : كلّها مكّيّة ، إلّا قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) إلى قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (٢) فإنهنّ مدنيّات.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(المص (١))
فأمّا التفسير ، فقوله تعالى : (المص) قد ذكرنا في أوّل سورة البقرة كلاما مجملا في الحروف المقطّعة أوائل السّور ، فهو يعم هذه أيضا.
فأما ما يختصّ بهذه الآية ففيه سبعة أقوال : أحدها : أنّ معناه : أنا الله أعلم وأفضل ، رواه أبو الضّحى عن ابن عباس. والثاني : أنه قسم أقسم الله به ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث : أنها اسم من أسماء الله تعالى ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع : أنّ الألف مفتاح اسمه «الله» ، واللام مفتاح اسمه «لطيف» ، والميم مفتاح اسمه «مجيد» ، قاله أبو العالية (٣). والخامس : أنّ (المص) اسم للسّورة ، قاله الحسن. والسادس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله قتادة. والسابع : أنها بعض كلمة. ثمّ في تلك الكلمة قولان : أحدهما : المصوّر ، قاله السّدّيّ. والثاني : المصير إلى كتاب أنزل إليك ، ذكره الماوردي.
(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢))
قوله تعالى : (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) قال الأخفش : رفع الكتاب بالابتداء. ومذهب الفرّاء أنّ الله تعالى اكتفى في مفتتح السّور ببعض حروف المعجم عن جميعها ، كما يقول القائل : «ا ب ت ث»
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٦٣.
(٢) سورة الأعراف : ١٧٢.
(٣) هذه الأقوال الأربعة واهية لا برهان عليها ، وهي بعيدة جدا ، وكذا ما بعدها ، والصواب في ذلك أن يقال : الله أعلم بمراده.