سورة يوسف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١))
(فصل في نزولها :) هي مكّيّة بالإجماع. وفي سبب نزولها قولان :
(٨٠٣) أمّا القول الأول : فروي عن سعد بن أبي وقّاص قال : أنزل القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فأنزل الله تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدّثتنا ، فأنزل الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) (١) كلّ ذلك يؤمرون بالقرآن.
(٨٠٤) وقال عون بن عبد الله : ملّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ملّة ، فقالوا : يا رسول الله حدّثنا ، فأنزل الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) ، ثم إنّهم ملّوا ملّة أخرى ، فقالوا : يا رسول الله ، فوق الحديث ، ودون القرآن ، يعنون القصص ، فأنزل الله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، فأراد الحديث ، فدلّهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص ، فدلّهم على أحسن القصص.
(٨٠٥) والثاني : رواه الضّحّاك عن ابن عباس قال : سألت اليهود النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : حدّثنا عن
____________________________________
(٨٠٣) صحيح. أخرجه البزار ٣٢١٨ وأبو يعلى ٧٤٠ وابن حبان ٦٢٠٩ والحاكم ٢ / ٣٤٥ والطبري ١٨٧٨٩ والواحدي في «أسباب النزول» ٥٤٤ من طرق عن عمرو بن قيس عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه به. وإسناده صحيح على شرط مسلم. وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي. وانظر ما بعده.
(٨٠٤) مرسل. أخرجه الطبري ١٨٧٨٨ عن عون بن عبد الله بن مسعود مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف ، لكن للحديث شاهد من حديث سعد ، وهو المتقدم. وشاهد آخر من حديث ابن عباس : أخرجه الطبري ١٨٧٨٦ عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس ، وإسناده منقطع ، عمرو لم يسمع من ابن عباس. وكرره الطبري ١٨٧٨٧ من مرسل عمرو بن قيس ، وهو شاهد لما قبله ، وإن كان ضعيفا ، والله أعلم.
(٨٠٥) باطل لا أصل له. عزاه المصنف للضحاك عن ابن عباس ، والضحاك لم يلق ابن عباس ، وراوية الضحاك هو جويبر بن سعيد ذاك المتروك ، فقد روى عن الضحاك عن ابن عباس تفسيرا مصنوعا ليس له أصل ، وهذا
__________________
(١) سورة الزمر : ٢٣.