ومجاورته ، قال امرؤ القيس :
رمتني بسهم أصاب الفؤاد |
|
غداة الرّحيل فلم أنتصر |
وقال آخر :
كأنّ فؤادي كلّما مرّ راكب |
|
جناح غراب رام نهضا إلى وكر |
وقال آخر :
وإنّ فؤادا قادني لصبابة |
|
إليك على طول الهوى لصبور |
يعنون بالفؤاد : القلب. والقول الثاني : أنّ المراد بالأفئدة الجماعة من الناس. قاله الزّجّاج.
قوله تعالى : (تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال ابن عباس : تحنّ إليهم. وقال قتادة : تنزع إليهم. وقال الفرّاء : تريدهم ، كما تقول : رأيت فلانا يهوي نحوك ، أي : يريدك. وقرأ بعضهم : «تهوى إليهم» بمعنى : تهواهم ، كقوله : (رَدِفَ لَكُمْ) (١) ، أي : ردفكم. و «إلى» توكيد للكلام. وقال ابن الأنباري : «تهوي» : تنحطّ إليهم وتنحدر. وفي معنى هذا الميل قولان : أحدهما : أنه الميل إلى الحجّ ، قاله الأكثرون. والثاني : أنه حبّ سكنى مكّة ، رواه عطيّة عن ابن عباس. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لو كان إبراهيم قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم ، لحجّة اليهود والنّصارى ، ولكنه قال : من النّاس.
(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨))
قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي) قال أبو صالح عن ابن عباس : ما نخفي من الوجد بمفارقة إسماعيل ، وما نعلن من الحبّ له. قال المفسّرون : إنما قال هذا لمّا نزل إسماعيل الحرم ، وأراد فراقه.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠))
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ) أي : بعد الكبر (إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) قال ابن عباس : ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين ، وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة. قوله تعالى : (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، وهبيرة عن حفص عن عاصم : «وتقبّل دعائي» بياء في الوصل. وقال البزّي عن ابن كثير : يصل ويقف بياء. وقال قنبل عن ابن كثير : يشمّ الياء في الوصل ، ولا يثبتها ، ويقف عليها بالألف. الباقون «دعاء» بغير ياء في الحالين. قال أبو عليّ : الوقف والوصل بياء هو القياس ، والإشمام جائز ، لدلالة الكسرة على الياء.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١))
قوله تعالى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) قال ابن الأنباري : استغفر لأبويه وهما حيّان ، طمعا في أن يهديا إلى الإسلام. وقيل : أراد بوالديه : آدم ، وحوّاء. وقرأ ابن مسعود ، وأبيّ ، والنّخعيّ ، والزّهريّ : «ولولديّ» يعني : إسماعيل وإسحاق ، يدلّ عليه ذكرهما قبل ذلك. وقرأ مجاهد : «ولوالدي» على
__________________
(١) سورة النمل : ٧٢.