التّوحيد. وقرأ عاصم الجحدريّ : «ولولدي» بضمّ الواو. وقرأ يحيى بن يعمر ، والجوني : «ولولدي» بفتح الواو وكسر الدال على التّوحيد. (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي : يظهر الجزاء على الأعمال. وقيل : معناه : يوم يقوم الناس للحساب. ، فاكتفي بذكر الحساب من ذكر الناس إذ كان المعنى مفهوما.
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣))
قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) قال ابن عباس : هذا وعيد للظّالم ، وتعزية للمظلوم.
قوله تعالى : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو رزين ، وقتادة : «نؤخرهم» بالنون ، أي : يؤخّر جزاءهم (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي : تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض.
قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن الإهطاع : النّظر من غير أن يطرف النّاظر ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والضّحّاك ، وأبو الضّحى. والثاني : أنه الإسراع ، قاله الحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة : يقال : أهطع البعير في سيره ، واستهطع : إذا أسرع. وفي ما أسرعوا إليه قولان : أحدهما : إلى الدّاعي ، قاله قتادة. والثاني : إلى النار ، قاله مقاتل. والثالث : أنّ المهطع : الذي لا يرفع رأسه ، قاله ابن زيد.
وفي قوله تعالى : (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) قولان : أحدهما : رافعي رؤوسهم ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وأبو عبيدة ، وأنشد أبو عبيدة :
أنغض نحوي رأسه وأقنعا |
|
كأنّما أبصر شيئا أطمعا (١) |
وقال ابن قتيبة : المقنع رأسه : الذي رفعه وأقبل بطرفه على ما بين يديه. وقال الزّجّاج : رافعي رؤوسهم ، ملتصقة بأعناقهم. و «مهطعين مقنعي رؤوسهم» نصب على الحال ، المعنى : ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين. والثاني : ناكسي رؤوسهم ، حكاه الماوردي عن المؤرّج.
قوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي : لا ترجع إليهم أبصارهم من شدّة النّظر ، فهي شاخصة. قال ابن قتيبة : والمعنى : أن نظرهم إلى شيء واحد ، وقال الحسن : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء ، لا ينظر أحد إلى أحد.
قوله تعالى : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) الأفئدة : مساكن القلوب. وفي معنى الكلام أربعة أقوال :
أحدها : أنّ القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر ، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة : خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم ، فأفئدتهم هواء ليس فيها شيء.
والثاني : وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير ، فهي كالخربة ، رواه العوفيّ عن ابن عباس.
والثالث : وأفئدتهم منخرقة لا تعي شيئا ، قاله مرّة بن شراحيل. وقال الزّجّاج : متخرّقة لا تعي
__________________
(١) في «القاموس» أنغض : حرّك ، والنّغض : من يحرك رأسه ، ويرجف في مشيته.