(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦))
قوله تعالى : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) قال ابن عباس : هي الشّرك.
وقوله عزوجل : (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) فيها خمسة أقوال : أحدها :
(٨٤٠) أنها الحنظلة ، رواه أنس بن مالك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وبه قال أنس ، ومجاهد (١).
والثاني : أنها الكافر ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وروى العوفيّ عنه أنه قال : الكافر لا يقبل عمله ، ولا يصعد إلى الله تعالى ، فليس له أصل في الأرض ثابت ، ولا فرع في السماء. والثالث : أنها الكشوثى (٢) ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس. والرابع : أنه مثل ، وليست بشجرة مخلوقة ، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس. والخامس : أنها الثّوم ، روي عن ابن عباس أيضا.
قوله تعالى : (اجْتُثَّتْ) قال ابن قتيبة : استؤصلت وقطعت. قال الزّجّاج : ومعنى اجتثّ الشيء في اللغة : أخذت جثّته بكمالها. وفي قوله تعالى : (ما لَها مِنْ قَرارٍ) قولان :
أحدهما : مالها من أصل ، لم تضرب في الأرض عرقا. والثاني : مالها من ثبات.
ومعنى تشبيه الكافر بهذه الشجرة أنه لا يصعد للكافر عمل صالح ، ولا قول طيّب ، ولا لقوله أصل ثابت.
(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧))
قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي : يثبّتهم على الحقّ بالقول الثّابت ، وهو شهادة أن لا إله إلّا الله. قوله تعالى : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) فيه قولان : أحدهما : أنّ الحياة الدنيا : زمان الحياة على وجه الأرض ، والآخرة : زمان المساءلة في القبر ، وإلى هذا المعنى ذهب البراء بن عازب ، وفيه أحاديث تعضده. والثاني : أنّ الحياة الدنيا : زمن السؤال في القبر ، والآخرة : السّؤال في القيامة ، وإلى هذا المعنى ذهب طاوس ، وقتادة.
____________________________________
(٨٤٠) أخرجه الترمذي ٣١١٩ والنسائي في «الكبرى» ١١٢٦٢ ، و «التفسير» ٢٨٢ ، وأبو يعلى ٤١٦٥ ، والحاكم ٢ / ٣٥٢ ، والطبري ٢٠٦٦٩ و ٢٠٦٧٠ عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعا. وإسناده صحيح ، حماد من رجال مسلم ، وشيخه روى له الشيخان ، لكن أعله الترمذي بالوقف حيث قال : وروى غير واحد مثل هذا موقوفا ، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ، ورواه معمر وحماد بن زيد وغير واحد فلم يرفعوه. وأخرجه الطبري ٢٠٦٦٨ من طريق ابن علية و ٢٠٦٧٢ من طريق مهدي بن ميمون كلاهما عن شعيب به موقوفا. انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١٣٠٨ بتخريجنا.
__________________
«المجروحين» ٣ / ٤٤ ، وابن الجوزي في «الموضوعات» ١ / ١٨٤ ، وأبو نعيم في «الحلية» ٦ / ١٢٣. وفي إسناده مسرور بن سعيد. قال ابن الجوزي : لا يصح ، مسرور بن سعيد منكر الحديث.
(١) قال الإمام الطبري رحمهالله ٧ / ٤٤٥ : وقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتصحيح قول من قال : هي الحنظلة خبر ، فإن صحّ فلا قول يجوز أن يقال غيره ، وإلا فإنها شجرة بالصفة التي وصفها الله بها.
(٢) في «القاموس» مادة «كشث» ، الكشوثى : نبت يتعلق بالأغصان ، ولا عرق له في الأرض.