قلنا : لا شك فى أن العقل يتصور من معنى الثبوت مفهوما ، ومن معنى السلب مفهوما. ويجزم بأنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان. وهو عند تصور مفهوم الثبوت ومفهوم السلب ، لا يفتقر الى الاشارة الى ماهية معينة. وذلك يوجب كون مفهوم الثبوت أمرا واحدا.
الوجه الثانى : فى بيان أن المفهوم من الموجودية أمر واحد : أنه يمكننا تقسيم الموجود الى الواجب لذاته ، والى الممكن لذاته ، فمورد التقسيم مشترك بين القسمين. وهذا يقتضي أن يكون المفهوم من الموجود قدرا ، مشتركا بين القسمين.
الوجه الثالث : انا اذا اعتقدنا أن أمرا من الأمور موجود. فسواء اعتقدنا أن ذلك الأمر جوهر أو عرض. وبتقدير أن يكون جوهرا ، فهو متحيز أو غير متحيز. وبتقدير أن يكون عرضا ، فهو اما لون أو طعم. فان اعتقادنا فى كونه موجودا ، يكون باقيا ، غير متغير. ولو لا أن المفهوم من كونه موجودا ، أمر واحد فى الكل ، لوجب أن يتغير ذلك الاعتقاد ، عند تغير اعتقاد الخصوصيات. كما اذا اعتقدنا فيه أنه جوهر ، ثم اعتقدنا فيه أنه عرض. فانه يتغير الاعتقاد الأول.
الوجه الرابع : ان من قال : الوجود غير مشترك فيه بين الماهيات ، يلزمه الاعتراف بأن الوجود مشترك فيه بين الماهيات. والا لكنا نفتقر فى كل واحد واحد ، من مسمى الوجود ، بأنه غير مشترك فيه بين الماهيات الى الدليل منفصل ، ولما كان الحكم على الوجود بأنه غير مشترك فيه ، يعم كل وجود ، علمنا : أن الوجود من حيث انه وجود : مفهوم واحد.
فثبت بما ذكرناه : أن الوجود أمر واحد فى جميع الموجودات.