وأما المعتزلة. فقد احتجوا على قولهم بوجوه :
الشبهة الأولى : انه تعالى أمر الكافر بالايمان. وكل من أمر بشيء فهو مريد لوجود المأمور به ، فيلزم أن يكون الله تعالى أراد الايمان من الكافر.
الشبهة الثانية : إرادة الكفر والفسق سفه ، والسفه لا يليق بالحكيم. وأيضا : ان من أراد منه الكفر والفسق ، ثم انه يعاقب عليهما ، كان ذلك غاية السفاهة.
الشبهة الثالثة : الطاعة عبارة عن تحصيل مراد المطاع. فلو أراد الله تعالى الكفر من الكافرين ، لكان الكافر مطيعا لله تعالى بكفره. وذلك باطل بالاتفاق.
الشبهة الرابعة : الرضا بقضاء الله تعالى واجب بالاجماع ، فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى ، لوجب الرضا بالكفر ، لكن هذا باطل. لأن الرضا بالكفر كفر.
الشبهة الخامسة : لو أراد الله تعالى الكفر من الكافر ، وخلق الكفر فى الكافر ، لكان تكليف الكافر بالايمان تكليف بما لا يطاق. وهذا باطل بالعقل والسمع.
أما العقل : فلأن كل انسان يجد بالضرورة من نفسه ، أنه ان أراد الطاعة ، يمكنه فعلها. فكيف يقال : انه غير متمكن من الطاعة ، مع أنه يجد بالضرورة ثبوت هذه المكنة؟
أما السمع : فقوله تعالى : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ)؟ ـ [النساء ٣٩](فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) [المدثر ٤٩] وكذا القول فى جملة الآيات الدالة على أن الانسان غير عاجز عن الاتيان بالطاعات.