أليس أنه انفرد أحد الالهين ، لصح منه ايجاد الحركة. ولو انفرد الثانى لصح منه ايجاد السكون. ثم انهما لما اجتمعا تعذر على كل واحد منهما ايجاد ما لم يكن متعذرا عليه وقت الانفراد؟ واذا كان الحال كذلك فى القدرتين ، فلم لا يجوز مثله فى الارادتين؟
سلمنا : أن ما ذكرتم يدل على جواز المخالفة بينهما ، لكن معنا ما يدل على أن مع القول بوجود الالهين ، يمتنع وقوع المخالفة بينهما. وهو من وجهين :
أحدهما : هو انا لو فرضنا إلهين ، لوجب كون كل واحد منها حكيما. والحكيم هو الّذي لا يفعل الا الأفضل والأولى. ولا شك أن الأفضل والأولى فى كل شيء واحد. واذا كان كذلك ، كان كل واحد منهما لكونه حكيما ، لا يريد الا ذلك الوجه الواحد. واذا كان الأمر كذلك ، امتنع وقوع المخالفة بينهما.
الوجه الثانى : هو أن كل واحد منهما ، لما كان إلها ، وجب أن يكون كل واحد منهما عالما بكل المعلومات. وكان كل واحد منهما عالما بأن أى المعلومات يقع؟ وأيها لا يقع؟ وإرادة ما علم أنه لا يقع يكون محالا. واذا كان الشيء الّذي هو معلوم الوقوع ، ليس الا الواحد ، ويستحيل أن يريد الا ما كان معلوم الوقوع ، وجب أن يكون كل واحد منهما مريدا لوقوع شيء واحد بعينه. وعلى هذا التقدير فانه يمتنع وقوع المخالفة بينهما.
سلمنا : أنه يصح وقوع المخالفة بينهما ، لكن المحالات التى الزمتمونا انما تلزم من وقوع المخالفة ، لا من صحة المخالفة. فلما لم تثبتوا أن هذه المخالفة لا بد وأن تحصل وتدخل فى الوجود ، لا يمكنكم أن تلزموا علينا تلك المحالات. فأنتم وأن