أما المقدمة الرابعة ـ وهى قولهم : انه لا يمكن اتصافه تعالى والعمى والصمم ، لأن ذلك من صفات النقص وصفات النقص على الله تعالى محال ـ انهم عولوا فى تنزيه الله تعالى عن النقائض على الاجماع ، ثم أنهم يثبتون كون الاجماع حجة ، بظواهر الآيات والأحاديث.
فصارت هذه الدلالة بالآخرة (١٠) سمعية. ثم انا نرى أن الظواهر الدلالة على كونه سميعا بصيرا ، أقوى من الظواهر الدالة على أن الاجماع حجة وأكثر. واذا كان الأمر كذلك ، فبأن (١١) نتمسك فى اثبات كونه تعالى سميعا بصيرا بهذه الظواهر القوية ، ونسقط عن أنفسنا التزام تقرير هذه المقدمات الخفية المظلمة ، كان أولى. فهذا ما نقوله فى هذا الباب.
واحتج المنكرون لكونه تعالى سميعا بصيرا بوجهين :
الشبهة الأولى : لو كان الله تعالى سميعا بصيرا ، لكان سمعه وبصره ، اما أن يكون قديما أو محدثا. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكونه تعالى سميعا بصيرا. انما قلنا : انه لا يجوز أن يكون قديما ، لأن العالم كان معدوما فى الأزل. ورؤية المعدوم وسمع المعدوم محال. وان التزم جاهل أن يكون المعدوم مرئيا ومسموعا ، فنقول : انه تعالى يرى العالم وقت عدمه معدوما ، اذ لو رآه موجودا ، لكان ذلك غلطا وجهلا. وهو على الله تعالى محال. ثم اذا وجد العالم فلا بد وأن يراه موجودا ، وإلا عاد حديث الغلط. وعلى هذا التقدير ، يزلم التبديل والتغير (١) وانما قلنا : انه لا يجوز أن يكون سمعه وبصره محدثا ، لأنه لو كان كذلك لصار محلا للحوادث. وهو محال.
__________________
(١٠) الأخيرة : ا والمراد بالأخرة : الآيات والأحاديث.
(١١) فأنا : ا
(١) التغير والتجدد : ب