فثبت بهذه الوجوه : أن العلم بالعلم بالشيء. يمتنع أن يكون نفس العلم بذلك الشيء.
الوجه الثانى : انه لو كان عالما بجميع المعلومات ، سواء كانت واقعة ، أو ممكنة الوقوع. فاذا علم الله تعالى جوهرا فردا ، فذلك الجوهر الفرد يمكن وقوعه فى أحياز غير متناهية على البدل ، وفى أزمنة غير متناهية على البدل ، وموصوفة من كل نوع من أنواع الأعراض بأفراد لا نهاية لها على البدل. فهذه المراتب لا نهاية لها ، لا مرة واحدة بل مرارا ، لا نهاية لها. وكل ذلك محال فى جوهر فرد ، وجزء لا يتجزأ. ومعلوم : أن استحضار العلم المنفصل بهذه المراتب دفعة واحدة مما لا يقبله العقل.
والجواب عن الوجه الأول : ان علم الله تعالى واحد. الا أن مراتب تعلقاته غير متناهية ، والتعلقات من باب النسب والاضافات. ودخول ما لا نهاية له فيها غير ممتنع. كما ضربنا فى المثال ، من الوحدة ، المشتملة على النسب والاضافات التى لا نهاية لها.
والجواب عن الوجه الثانى : أنها محض التعجب. ولا عبرة بذلك فى صفات الله تعالى. فان كما لها وجلالها أعظم من أن يحيط به عقول البشر.
وهذا ما انتهى إليه العقل الضعيف. وجلال الله تعالى منزه عن غايات عقول العقلاء ، ونهايات علوم العلماء. وبالله التوفيق.