والثانى : انا لما جربنا أنفسنا وجدنا أنه ما لم يحصل فى القلب ميل الى أحد الطرفين ، لم يترجح ذلك الطرف على الآخر. ومتى صار الميل الى الحركة ، الى هذا الجانب والى الحركة الى الجانب الآخر على التساوى ، لم يترجح أحدهما على الآخر. بل بقى الانسان فى موضعه الّذي هو فيه ساكنا متحيرا ، الى أن يظهر المرجح. فحينئذ يحصل الرجحان. فظهر بما ذكرنا : أن القول بأنه يجوز حصول رجحان أحد الطرفين على الآخر ، من غير مرجح باطل وفاسد.
وأما القسم الثانى : وهو أنه لا بد فى هذا الرجحان من مرجح. فنقول : اذا حصلت المرجحات بأسرها ـ وهى القدرة التامة ، والإرادة الجازمة الخالية عن الفتور ، والوقت ، والآلة والمصلحة ، وازالة الموانع العقلية والشرعية. فمع حصول هذه المرجحات. اما أن يكون الترك ممكنا أو غير ممكنا فان كان الترك ممكنا فمع حصول هذه المرجحات تارة يحصل الفعل وتارة يحصل الترك. فاختصاص أحد الوقتين بالفعل والآخر بالترك ، اما أن يتوقف على مرجح ، لأجله اختص أحد الوقتين بالفعل ، والآخر بالترك ، أولا يتوقف. فان توقف على مرجح ، لم يكن الحاصل الأول مرجحا تاما. وكنا قد فرضناه كذلك. هذا خلف.
وأيضا : فلنفرض حصول هذا المرجح. فحينئذ اما أن يكون حصول هذا الفعل فى هذا الوقت جائزا ، أو واجبا. فان كان جائزا ، عاد التقسيم الأول ، وافتقر الى مرجح آخر. ولزم التسلسل. وهو محال. ولما بطل هذا ثبت : أن الفعل واجب الحصول عند حصول كل المرجحات ، وممتنع الحصول عند اختلال قيد من القيود المعتبرة فى الترجيح.
وعلى هذا التقدير ، فالقادر حال ما حصلت المؤثرات بأسرها ، يجب عقلا ، أن يصدر عنه الأثر ، ويمتنع أن لا يصدر. وحال ما لم