واذا عرفت هذا فنقول قولنا : «الله تعالى مخالف لخلقه لذاته المخصوصة» المراد منه ما ذكرناه ولخصناه (٢).
واذا لخصنا محل النزاع. فنقول : الدليل على أنه تعالى مخالف لخلقه لذاته المخصوصة : أنه لو كنت ذاته من حيث انها تلك الذات مساوية لسائر الذوات ـ وقد عرفت أن الأشياء المتساوية فى تمام الحقيقة ـ يجب أن يصح على كل واحد منهما ما صح على الآخر. واذا كذلك كان اختصاص ذاته بصفته المخصوصة ، وعدم اختصاصه بصفات المحدثات أمرا جائزا. فترجح ذلك الجائز على سائر الجائزات ، ان لم يكن لأمر فقد ترجح الممكن لا عن مؤثر. وهو محال. وان كان لأمر عاد الطلب فى اختصاص ذاته بذلك الأمر ، فيلزم اما الدور واما التسلسل وهما محالان. فثبت : أن القول بكون ذاته سبحانه وتعالى مساوية لسائر الذوات فى كونه ذاتا يفضى الى أحد هذه المحالات ، فكان القول به محالا. وبالله التوفيق.
واحتج الخصم : بأن جميع الذوات متساوية فى كونها ذوات. واذا كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون امتياز بعضها عن البعض ، بسبب الصفات والأحوال.
أما بيان (٣) المقدمة الأولى ـ فيدل عليه وجوه :
الأول : انه يصح تقسيم الذوات الى الواجب والى الممكن. ومورد التقسيم مشترك بين القسمين.
والثانى : انا اذا اعتقدنا. ذاتا. فسواء اعتقدناه قديما أو محدثا أو واجبا أو ممكنا ، فان اعتقاد كونه ذاتا لا يزول ولا يتبدل. وهذا يدل على أن المفهوم من الذوات واحد فى كل المواضع.
والثالث : انا نقول : المعلوم اما ذات واما صفة. وصريح العقل يشهد بأن هذا التقسيم منحصر. ولو لا أن المفهوم من كون الذوات
__________________
(٢) وتحققناه : ب.
(٣) المقدمة ... الخ : ب.