فلو أننا أعدنا
النظر فى «مناهج الأدلة» واكتفينا بالقرآن الكريم ، وبالسنة النبوية المفسرة
للقرآن الكريم. أما القرآن فلأن الله قال فيه : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) والرسول قد آتى بالقرآن ، وأتى بالسنة المفسرة ، لقوله
تعالى فى القرآن : (وَأَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ ، لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ) لو أننا اكتفينا بهذين الأصلين العظيمين ، لسهلنا على
المسلمين أن يتحدوا وأن يتعاونوا ، ولقللنا من عدد الفرق ، والأحزاب ، ولسهلنا على
غير المسلمين الدخول فى دين الاسلام. واذا قل الخلاف وقل الكلام ، كثر العمل ،
وعمرت الدنيا ونعم المسلمون بالخير.
وقد ارتد نصرانى من أهل خراسان عن نصرانيته الى الاسلام ، ثم رجع الى دينه
، فحمل الى الخليفة «المأمون» حتى وافاه ـ «العراق» وسأله عن رجوعه الى النصرانية.
فقال له : أوحشنى ما رأيت من الاختلاف فيكم. فقال له المأمون : لنا اختلافان :
أحدهما. كالاختلاف
فى الأذان وتكبير الجنائز والاختلاف فى التشهد وصلاة الأعياد وتكبير التشريق ووجوه
الفتيا ، وما أشبه ذلك. وليس هذا باختلاف انما هو تخيير وتوسعة وتخفيف من المحنة.
فمن أذن مثنى وأقام مثنى ، لم يؤثم. ومن أذن مثنى وأقام فرادى ، لم يحوب. لا
يتعايرون ولا يتعايبون. أنت ترى ذلك عيانا. وتشهد عليه تبيانا.
والاختلاف الآخر :
كنحو اختلافنا فى تأويل الآية من كتابنا وتأويل الحديث عن نبينا ، مع اجماعنا على
أصل التنزيل واتفاقنا على عين الخبر.
فان كان الّذي
أوحشك هو هذا ، حتى أنكرت من أجله هذا
__________________