موجود لا يكون ممكنا لذاته ، كان واجبا لذاته. فثبت بهذا البرهان : وجوب انتهاء جميع الممكنات الى موجود واجب لذاته. وهو المطلوب.
البرهان الثانى : لما ثبت أن ذلك المجموع ممكن لذاته. وكل ممكن لذاته فله مؤثر. فلذلك المجموع مؤثر. والمؤثر فى ذلك المجموع اما أن يكون هو نفس ذلك المجموع ، أو شيء من الأمور الداخلة عليه. أو شيء من الأمور الخارجة عنه. لا جائز أن يكون المؤثر فى ذلك المجموع هو نفس ذلك المجموع ، لامتناع كون الشيء مؤثرا فى نفسه. ولا جائز أن يكون المؤثر فيه شيئا من الأمور الداخلة فيه ، لأن كل ما كان مؤثرا فى وجود مركب ، وجب كونه مؤثرا فى جميع أفراد ذلك المركب. وذلك الفرد الّذي جعلناه علة لذلك المركب ، لما كان أحد أفراد ذلك المركب ، لزم كونه علة لنفسه. ولزم كونه علة لعلة نفسه. والأول باطل ، لامتناع كون الشيء علة لنفسه. والثانى باطل ، لامتناع الدور. ولما بطل أن تكون علة ذلك المجموع نفسه ، أو فردا من الأفراد الداخلة فيه ، وجب أن تكون علته أمرا خارجا عنه. والخارج عن مجموع الممكنات بالذات ، لا يكون ممكنا لذاته. وكل موجود لا يكون ممكنا لذاته ، وجب أن يكون واجبا لذاته. فثبت : وجوب انتهاء جميع الممكنات الى موجود واجب لذاته. وهو المطلوب.
البرهان الثالث : لو تسلسلت الأسباب والمسببات لا الى نهاية ، فعلى هذا التقدير : الأثر الأخير موجود ، الا أن الخصم يقول : المؤثر الأول غير موجود.
فلنأخذ من هذا الأثر الأخير ـ لا الى بداية ـ جملة واحدة. ولنأخذ أيضا من المرتبة الخامسة من مراتب الآثار ـ لا الى بداية ـ جملة أخرى ، فلا بد وأن تكون الجملة الأولى أزيد من الجملة الثانية بأربع مراتب. ثم لنطبق هذا الطرف الأخير من جانب الآثار على الطرف الأخير من هاتين الجملتين. ومعنى هذا التطبيق أن الأول من هذه