والثانى : ان بتقدير أن تكون جوهرا قائما بالنفس ، فهذا الجوهر اما أن يكون بينه وبين الأثر نسبة واضافة ، أو لا يكون. فان كان الأول كان الكلام فى تلك النسبة كما فى الأول ، فيلزم التسلسل. وان كان الثانى لم يكن بينه وبين الأثر (٧) نسبة واضافة ولم يكن بينهما تعلق أصلا ، وكان أجنبيا بالكلية عن ذلك الأثر. ولما بطل هذا القسم تعين أن المؤثرية بتقدير الثبوت ، وجب أن تكون صفة لذات المؤثر ، مفتقرة الى تلك الذات. وكل ما كان مفتقرا الى غيره ، كان ممكنا لذاته مفتقرا فى وجوده الى مؤثر. فيلزم افتقار تلك المؤثرية فى وجودها الى موجد (٨) آخر ، وحينئذ يعود الكلام فى تأثير المؤثر فى وجود تلك المؤثرية. ويلزم التسلسل. وهو محال.
فثبت بما ذكرنا : أنه لو فرض مؤثر يؤثر فى أثر ، لكان تأثيره فى ذلك الأثر اما أن يكون نفس المؤثر والأثر ، واما أن يكون مغايرا لهما. والقسمان باطلان ، فكان القول بالتأثير باطلا.
السؤال الرابع : ان جواز الوجود متعلق بالطرفين ـ أعنى الوجود والعدم ـ فلو كان جواز الوجود يقتضي احتياج الوجود الى المؤثر ، لكان جواز العدم يقتضي احتياج العدم الى المؤثر. لكن احتياج العدم الى المؤثر محال. لأن العدم نفى محض وسلب صرف ، فجعله أثرا أو مؤثرا محال. ولأن العدم مستمر من الأزل الى الأبد. والباقى لا يمكن اسناده حال بقائه الى المؤثر.
فثبت : أنه لو كان جواز الوجود يحوج الوجود الى المؤثر ، لكان جواز العدم يحوج العدم الى المؤثر ، وثبت : أن احتياج العدم الى المؤثر محال ، فيلزم أن يكون احتياج الوجود أيضا الى المؤثر محالا.
__________________
(٧) الأول : أ.
(٨) موجود : أ.