وهناك وجوه أخرى يرتكز بعضها على غفران ذنوب شيعة علي عليهالسلام ما تقدم منها وما تأخّر.
ويروي القائلون بهذا روايات عن الإمام الصادق عليهالسلام ، ولكننا لا نعتقد صحة هذه الروايات ، لأنها لا تنسجم مع الأسس الفكرية الإسلامية ، فإنه لا معنى للقول بما جاء في بعض هذه الروايات : «ما كان له ذنب ، ولا همّ بذنب ، ولكنّ الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له» (١) أو أن «الله ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي عليهالسلام ما تقدم من ذنبهم وما تأخر» (٢) ، لأنه لا معنى لتحميله تلك الذنوب ، كما لا معنى لاعتبار الفتح أساسا لذلك ، في الوقت الذي لم يكن فيه للشيعة أيّ وجود واقعي في المجتمع الإسلامي ، وكيف يمكن للقرآن أن يتحدث عن نتيجة للفتح لا تتصل به؟!
ولكن عند التدقيق في معالجة المسألة ودراسة التعبير الذي جاء في الآية ، نلاحظ أن كل هذه التفاسير كانت تحاول الهروب من المعنى الظاهر فيها ، يعني أن للنبي ذنبا متقدما ومتأخرا ، وأن الله جعل الفتح سببا في مغفرته ، لأن هذا المعنى لا يتناسب مع عصمة النبي ، أو كماله ، أو شخصيته النبوية التي تمثل النموذج القدوة ، فقد تكون بشريته محكومة لنقاط الضعف في طبيعتها ، ولكن رسالته ، التي انطلقت من الوحي ، لا بد من أن تمنح إنسانيته نقاط القوّة ، ولا بد من أن تكون قد درست مؤهلاته التي عاشها مدة أربعين سنة قبل الرسالة ، ليبني على أساسها شخصيته بالمستوى الذي لم يستطع الناس الذين عاشوا معه من أهله وأصحابه ، أن يسجّلوا عليه أيّة نقطة سوداء في ما يروونه عن ماضيه الشخصي ، ولهذا فإن مسألة الذنب تتنافي مع هذا الماضي الطاهر المشرق الذي زاده حاضر الرسالة حركيّة وقوّة وإشراقا وصفاء ...
وعلى ضوء ذلك ، فلا بد من تجاوز هذا المعنى إلى ما يختزنه من
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٩ ، ص : ١٤٣.
(٢) البحار ، م : ٦ ، ج : ١٧ ، باب : ١٥ ، ص : ٦٠١.