الله يجيب رسوله وينتصر له
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) متدفق بغزارة ، (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) فتدفقت الينابيع حتى تحوّلت إلى أنهار ، (فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) وهكذا اجتمع الماء المنهمر من السماء والماء المتدفق من ينابيع الأرض ، فكان الطوفان الذي أغرق الأرض كلها حتى بلغ الجبال ، وهذا ما قدّره الله من أمر أراد فيه الانتصار لرسوله ، بإغراق هؤلاء المكذبين بالطوفان.
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) وهي السفينة التي صنعت من ألواح الخشب ، والدسر التي هي المسامير التي تربط الخشب ببعضه البعض .. ونجا نوح ومن معه من هذا الطوفان ، حيث إن الفلك التي حملتهم كانت (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) في رعاية الله وعنايته ، وكان الطوفان (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) عقابا لهؤلاء الكافرين ، (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) لمن يأتي من بعدهم ليتذكروا ويعتبروا ، (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي من متذكر (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) فهل يعرف الكافرون من قومك أو من غيرهم كيف يعاقب الله الناس ، وكيف ينذرهم بما ينتظرهم في المستقبل؟!
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) بما نقصُّ فيه من أخبار الماضين ، وما نثيره من آيات العبرة ، وما نحركه من المفاهيم العامة الحكيمة التي تبني لهم عقولهم ، وتدير لهم حياتهم ، ليخرجوا من أجواء الغفلة واللامبالاة ، ليكون ذكرى لكل حياتهم ، (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) إنه السؤال الذي يطرح نفسه على كل فكر وشعور ليهتز وليتذكر ولينفتح على الحقيقة الإلهية في كل مواقعها ، وليطرح التحدي في خط المعرفة المسؤولة في كل زمان ومكان.
* * *