حرمة الغيبة
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً).
وهذه هي إحدى الحرمات الاجتماعية العامة التي يراد من خلالها تقييد حرية الإنسان في التحدث عما يعرفه من عيوب الآخرين الخفية ، لأن الله جعل للمؤمن الحق في حماية نفسه من ذلك ، مما يجعل المعرفة في هذا المجال أمانة شرعية لا يجوز له أن يحرّكها في الدائرة الإعلامية إلّا بإذن من صاحب العيب نفسه ، أو من الله سبحانه باعتبار أنه وليّ الأمر كله.
وقد يكون أساس تحريم الغيبة خاضعا لنقاط ثلاث :
الأولى : التأثير السلبي على كرامة الإنسان المؤمن والانتقاص منه بإظهار عيوبه الخفيّة التي لا يعرفها الناس ، في الوقت الذي لا يملك الدفاع فيه عن نفسه ، أو تفسيره بالطريقة التي قد تعطيه عذرا فيه ، أو تخرجه من دائرة العيب بسبب بعض الخصوصيات التي لا يعرفها الناس في طبيعة الموضوع ، مما يجعل من الغيبة لونا من ألوان الحكم على الأشخاص دون إعطائهم حق الدفاع عن أنفسهم ، وبذلك يفقد هؤلاء الشعور بالاستقرار النفسي والعملي في حياتهم الخاصة ، فيبتعد المجتمع عن الحياة المتوازنة التي تتيح لأفراده الشعور بالثقة والحماية من اعتداء الآخرين على حرياتهم وحرماتهم الخاصة ، فقد يكون إفشاء أسرار العيوب أكثر خطورة من الاعتداء على المال أو نحو ذلك.
الثانية : الأثر الاجتماعي السلبي الذي يشيع العيوب في المجتمع بمستوى يخيَّل فيه للأفراد أن الجوّ مشحون بالسلبيات ، مما يترك تأثيرا على الذهنية العامة بما تخلقه من انطباع عام بأن الخير قليل في الحياة الإنسانية ، وأن الشر يشمل الجوّ كله ، الأمر الذي يثير في النفس الإحساس بأن الخير أمر غير واقعي في مقابل واقعية الشرّ وقوّته.
الثالثة : الأثر العدواني الذي يثيره في نفس ضحيّة الغيبة ، بسبب ما تتركه