حافظوا على التوازن بين الحق الذي يقوم عليه الكون ، والحق الذي يتحرك فيه الإنسان مع الله. وإذا كان الكون والإنسان مع الله ، فهناك الانسجام الروحي والفكري بين الخط ومصلحة الواقع.
(كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) ليعرفوا الخط الذي يسيرون عليه ، من خلال النماذج الإنسانية التي تمثل حركة الخط في دائرة الصراع بين الحق والباطل ، وليحددوا لأنفسهم الفواصل التي تفصل بينهم وبين الباطل على مستوى المصير المرتبط بواقع الإنسان الفكري والعملي.
* * *
ضرب رقاب الذين كفروا
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) لأن الساحة مفتوحة لأن تكون تحت سيطرة الكفر والشرك ، أو تحت سيطرة الإيمان والإسلام ، وليس هناك مجال للحوار الهادىء العاقل الذي طرح النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إجراءه معهم استجابة لأمر الله الذي دعاه إلى الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، لأنهم رفضوا الحوار ، وواجهوا المسلمين بالقتل والاضطهاد والتهجير ، وبالفتنة عن دينهم ، ومحاولة منعهم الناس من دخول الإسلام بمختلف الوسائل ، وبإضعاف قوّة الإسلام ، للإيحاء بأن الانتماء إليه ، لا يمنح الإنسان قوّة في المجتمع الذي يتحرك أفراده بمنطق القوّة.
وهكذا كانت الحرب التي يضعف فيها الشرك ، هي الحلّ الوحيد في تلك الظروف وفي كل الظروف المماثلة ، من أجل إضعاف القوّة المضادّة. وهذا ما جعل القضاء عليهم بضرب الرقاب أمرا حاسما ، (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) بما يوحي به الإثخان من إكثار القتل
وغلبة العدوّ وقهره والسيطرة على المعركة ، (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) أي فأسروهم ليكون الأسر لونا آخر من ألوان الاستيلاء على الساحة ،