ويختبر صبرهم وطاعتهم وقوّتهم في مواجهة التحديات الصعبة الموجّهة إليهم من قبل الآخرين ، ليزدادوا قوّة وخبرة في خط المواجهة ، وليمتحن الكافرين بالمؤمنين ، ليتميز الناس في خط الكفر والإيمان في ساحة المعاناة ، لتكون الإرادة الإنسانية هي التي تحدد ساحة الصراع وتحسم الموقف فيها ، والله لم يجعل النصر خاضعا للغيب ، لأنه أراد للناس الإيمان عن إرادة واختيار.
(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) من المؤمنين الّذين خاضوا معركة الكفر والإيمان بإخلاص وصدق وتضحية لتكون كلمة الله هي العليا ، (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) لأنها تحتوي في داخلها على العمق الإيماني الذي يحقق لهم ما أرادوه فيها من رضوان الله ونعيمه في جنته. ولهذا ، فإن الله الذي اطّلع على الصدق في النية ، والإخلاص في الموقف ، لن يبطل أعمالهم كما أبطل أعمال الكافرين ، بل يمنحهم أجرها العظيم ، حيث إنه (سَيَهْدِيهِمْ) إلى رضوانه وجنته (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) ، فيحقق لهم الرضى القلبي والطمأنينة الروحيّة ، التي تتحول إلى واقع حيّ يعيشون فيه الراحة والاستقرار والسعادة ، ويحقّقون فيه لأنفسهم ـ من خلال ألطاف الله ـ الكثير من الخير ، (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) قبل ذلك ، فكانت غاية لأعمالهم ، أو عند الموقف في القيامة ، فأقبلوا على الدخول فيها إقبال العارف بها المشتاق إليها ، المنفتح عليها بكل عقله وروحه وحياته.
* * *