والإنساني بحكمته ، وقد جاء في تفسير الميزان أن : «الآيات الأربع ـ كما ترى ـ تشير إلى عامّة التدبير ، حيث ذكرت أنموذجا ممّا يدبّر به الأمر في البرّ وهو الذاريات ذروا ، وأنموذجا مما يدبّر به الأمر في البحر وهو الجاريات يسرا ، وأنموذجا مما يدبّر به الأمر في الجوّ وهو الحاملات وقرا ، وتمّم الجميع بالملائكة الذين هم وسائط التدبير وهم المقسّمات أمرا» (١).
وهو التفات لا يخلو من طرافة.
وقد جاء في البحار أن ابن أبي الكوّاء سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : «ما (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً)؟ فقال : الرياح ، فقال : وما (فَالْحامِلاتِ وِقْراً)؟ قال : السحاب ، قال : (فَالْجارِياتِ يُسْراً)؟ قال : الفلك ، قال : (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً)؟ قال : الملائكة» (٢) ، وقد ورد الحديث عن ذلك في تفسير ابن كثير (٣).
وعن الفخر الرازي في التفسير الكبير ، أن الأقرب حمل الآيات الأربع جميعا على الريح ، فإنها كما تذرو التراب ذروا ، تحمل السحاب الثقال وتجري
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٣٦٩.
(٢) البحار ، م : ١٣ ، ج : ٤٠ ، باب : ٩٣ ، ص : ٣٢٨ ، رواية : ٥٤.
(٣) قال شعبة بن الحجاج عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، أنه سمع عليا رضي الله عنه ، وشعبة أيضا عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، أنه سمع عليا رضي الله عنه ، وثبت أيضا من غير وجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه صعد منبر الكوفة ، فقال : لا تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى ، ولا عن سنَّة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أنبأتكم بذلك ، فقام إليه ابن الكواء ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما معنى قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً)؟ قال علي رضي الله عنه : الريح ، قال : (فَالْحامِلاتِ وِقْراً)؟ قال رضي الله عنه : السحاب ، قال : (فَالْجارِياتِ يُسْراً)؟ قال رضي الله عنه : السفن ، قال : (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً)؟ قال رضي الله عنه : الملائكة.
[ابن كثير ، أبو الفداء ، إسماعيل بن كثير القرشي ، تفسير القرآن العظيم ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ج : ٤ ، ص : ٣٧٥].